اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
خطبة الشيخ في الحرجة
5519 مشاهدة
الوصية بالإكثار من الأعمال الصالحة

وهكذا أيضا نتواصى بأن نُكْثِرَ من الأعمال الصالحة التي يُحِبُّهَا الله تعالى، فَنُكْثِرَ من الصلوات النوافل، نحافظ على قيام الليل أو ما تَيَسَّرَ منه، ونحافظ على التقدم إلى المساجد، والتقرب إلى الله تعالى بالصلوات قبل الفرائض وبعدها؛ ونتقرب إلى الله تعالى بما تَيَسَّرَ من التطوعات من صلاة في الضحى، أو صلاة في الليل أوله وآخره، أو كذلك نتقرب إلى الله بنوافل الصيام؛ فإن الله تعالى اصْطَفَاه لنفسه، فنصوم ما نقدر عليه، سيما في الأوقات التي نستطيع فيها الصوم، وقد أخبر الله -تعالى- بأن الصيام له في قوله: الصوم لي، وأنا أجزي به وأنه يضاعفه ويصطفيه لصاحبه ويضاعفه أضعافا كثيرة؛ لأنه من الصبر، والله -تعالى- يقول: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ .
وهكذا أيضا نُكْثِرُ من الأعمال الصالحة التي يُحِبُّهَا الله، سواء كانت قاصرةً أو متعديةً، وبذلك نكون من المؤمنين الذين وعدهم بأنه يرحمهم وهو أرحم الراحمين.