إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
خطبة الشيخ في الحرجة
9103 مشاهدة print word pdf
line-top
الوصية بالدعاء

.......فتح بابه للطالبين، وحَثَّ على دعائه في كتابه المبين؛ ولم يَزَلْ مُتَفَضِّلًا على المخلوقين، وعد برحمته المؤمنين، وبعفوه عن القوم الظالمين.. نحمده سبحانه على إنعامه على المؤمنين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وسَلَّمَ تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله، اتقوا الله -تعالى- حَقَّ تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، فأطيعوا أمره، ولا تخالفوه، فإن طاعته سببٌ للثواب، ومعصيته سببٌ للعقاب، واشكروه على ما أَوْلَاكم من الإحسان والفضل العظيم؛ فإن شكره سبب لبقاء النعم، واندفاع النِّقَم، واذكروه في كل حالاتكم، ولا تغفلوا عن ذِكْرِهِ؛ فإنه يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ، ويُعِين مَنْ شكره، واعلموا عباد الله أن ربنا سبحانه فَرَضَ علينا عبادته، وأَمَرَنَا بالإخلاص له، إخلاصِ الدين ودعائه بذلك، قال الله تعالى: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .
فأوصيكم ونفسي بدعاء ربكم سبحانه، فإنه قريبٌ مِمَّنْ دعاه، مُجِيبٌ لِمَنْ سأله، كما وعد بذلك بقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فَأَكْثِرُوا مِنْ دُعَائِهِ -سبحانه- سِرًّا وجهرًا، كما قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ لم يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عليه فَرَبُّنَا -سبحانه- يُحِبُّ مَنْ دَعَاه، ويُعْطِي مَنْ سأله، ويستجيب لِمَنْ طلبه، وهو سبحانه خزائنه ملأىلا تغيضها نفقة قال -صلى الله عليه وسلم- يمين الله مَلْأَى لا تغيضها نفقة، سَحَّاءُ الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؛ فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه .
فإذا دعاه الْعِبَاد، وأَلَحُّوا في دعائه، فإنه أكرم مِنْ أَنْ يَرُدَّهُمْ، وأعظمُ من أن يُخَيِّبَ آمالهم، ويرد رجاءهم، كيف وقد تَكَفَّلَ برزق العباد؟ قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا فَتَكَفَّلَ برزق جميع ما على الأرض، من دابة وطير وحشرة، وإنسان وحيوان، كما أخبر بذلك بقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ولكنه -سبحانه- يبتليهم بالمصائب، ويبتليهم بالذنوب، ويبتليهم بالآفات، حتى يعرفوا حاجتهم، ويعرفوا شدة فاقتهم، ويعرفوا ضرورتهم إلى ربهم؛ فهنالك يُقْبِلُون عليه بِقُلُوبٍ خاشعة، يُقْبِلُون على ربهم، وعلى دعائه؛ يَتَضَرَّعُون إليه، يتواضعون بين يديه، يتذللون له، يُظْهِرُون له الفقر والفاقة، يُظْهِرُون له شدة الحاجة، فهو -سبحانه- رحمته قريب إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ولكن لا بد أن يتواضعوا له، ويتضرعوا بين يديه، ولا بد أنهم يتوبون إليه ويستغفرونه.
فَلْنُكْثِر عبادَ اللهِ من دعائه -سبحانه- فإنه -سبحانه- يحب الْمُلِحِّين في الدعاء، الْمُسْتَمِرِّين فيه، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- يُسْتَجَاب لأحدكم ما لم يَعْجَلْ، يقول: دعوتُ ثم دعوتُ فلم أرَ يُسْتَجَابُ لي فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، ويَدَعُ الدُّعَاء ، رَبُّنَا سبحانه أمر عباده بدعائه، ووعدهم بالإجابة، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ الذين يتكبرون عن دعائه، الذين يُظْهِرُون الاستغناء عن ربهم، الذين يُظْهِرُون أنهم ليسوا بحاجة إلى الله تعالى، لا بُدَّ وأنه يمتحنهم، ولابد أنه يعذبهم، إما عذابا عاجلًا، وإما عذابا آجلًا في الدار الآخرة.
أما الذين يعرفون حاجتهم، ويعرفون شدة فاقتهم، ويدعون الله -تعالى- ويرفعون إليه أَكُفَّ الضراعة؛ فإنه سبحانه يرحمهم، ولو أَخَّرَ ذلك، ولو امتحنهم بأنواع من الامتحانات، فإنه سبحانه لا بُدَّ وأن يفرج الكروب، وأن يُزِيلَ الشدائد، وأن يَرْحَمَ عباده، بهائمهم وحيواناتهم، ونفوسهم، فهو رَبُّهُم ومالِكُهُمْ، ولا يهلكهم سيما إذا تعبدوا إليه، وأخلصوا له الدين.

line-bottom