خطبة الشيخ في الحرجة
الوصية بكثرة تلاوة القرآن
وأوصيكم عبادَ اللَّهِ بكثرة تلاوة القرآن، الذي أنزله الله على قَلْبِ نبينا -صلى الله عليه وسلم- والذي أَعْظَمَ قَدْرَهُ ومكانته، قال الله تعالى: رسم> لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قرآن> رسم> هكذا أخبر بعظمة هذا القرآن الذي أنزله على عباده المؤمنين، أنه لو نزل على الجبال الصُّمِّ الشوامخ لتصدعتْ من خشية الله -تعالى-؛ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ -تعالى- فيها من الخشية والخوف مِنَ الله -تعالى- وقد نزل على عباده المؤمنين، وقد نزل على هذا الإنسان، فَمَنْ أطاع الله تعالى وعَرَفَهُ فإنه يتلو هذا القرآن حق تلاوته، ويَتَدَبَّرُهُ حَقَّ التدبر، كما قال الله تعالى: رسم> الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ قرآن> رسم> رسم> وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ قرآن> رسم> هكذا أخبر بأن الذين يتلونه حَقَّ تلاوته هم الذين يتبعونه، هم الذين يتبعون ما فيه، ويعملون بإرشاداته، ويُطِيعون الله تعالى بما أمرهم فيه، وينتهون عما نهى عنه الله تعالى، ولهم في ذلك أجر كبير.
فمتى أكثرتْ من قراءة هذا القرآن، في ليلٍ أو نهارٍ، وتدبرتَه وتعظمتَه، ازداد إيمانك، وقوي يقينك، وكثرتْ أعمالك، وتعبدتْ جوارحك، وخشع سمعك وبصرك، وانطلق لسانك بِذِكْرِ الله، واشْتَغَلَ قلبك بالتفكر في آيات الله -تعالى- وعرفتَ الحقَّ واتبعتَهُ، وعرفتَ الباطل واجتنبته، وذلك لأن هذا القرآن مشتملٌ على ذلك كُلِّهِ، فالقرآن هو: كلام الله الذي أنزله على عباده ليتلوه وليتعبدوا به، وليعرفوا ما فيه، ولِيُحِلُّوا حلاله، ويُحَرِّموا حَرَامَهُ، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويَتْلُونه حق تلاوته، ويقفون عند عجائبه، ويتدبرون ما فيه من الإرشاد، فهو دليلهم، وهو سلطانهم، وهو بُرْهَانهم الذي جعله الله تعالى دليلا.
فَأَكْثِرْ يا عَبْدَ الله -تعالى- يا عبد الله، أكثروا من قراءة كتاب الله -تعالى- واتْلُوه كما أمركم الله تعالى، وتَعَلَّمُوا ما فيه من حلالٍ وحرامٍ، ولا تُعْرِضوا عنه، ولا تشتغلوا عنه بما يشغلكم مما لا فائدة فيه، فإن الله تعالى تَوَعَّدَ مَنْ أعرض عنه بوعيد شديد، قال الله تعالى: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قرآن> رسم> وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنَّ مَنْ هجره فإنه من الكافرين، قال الله -تعالى- رسم> وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا قرآن> رسم> فالإعراض عن تلاوته هجرانٌ له، وعدم تَدَبُّرِهِ والتفكر فيه من هجرانه، وكذلك ترك العمل به هجرانٌ له، وهكذا.
مسألة>