الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
لقاء جماعة تحفيظ القرآن بالحريق
3326 مشاهدة print word pdf
line-top
دور المعلم لكتاب الله

فلذلك نقول: إن الذين وفقهم الله تعالى لقراءة القرآن، وحفظه، وتعلمه، وتعليمه ممن أراد بهم خيرا، كما تذكرون هذا الحديث الذي يُكْتَبُ في كل جهة خيركم مَنْ تَعَلَّمَ القرآن وعَلَّمَهُ بشرى كبيرة لِمَنْ وَفَّقَهُ الله تعالى، ولِمَنْ أعانه على تَعَلُّمِ القرآن، وعلى تعليمه، الخيرية هاهنا عامة.. ( خيركم ) يعني خيركم دينا، وخيركم حسنات، وخيركم فضلا، وخيركم أجرا، وخيركم سعادة عاجلة، أو آجلة، فضل كبير إذا خلصت النية.
الذين يتولون التعليم هؤلاء ممن اشتغلوا بكتاب الله تعالى، وصاروا يُعَلِّمُونَهُ مَنْ هم بحاجة إلى التعليم، لهم أجر كبير، وعلى خيرٍ في فعلهم هذا، حيث إنهم يُرَبُّون أجيالا وأولادًا من أولاد إخوانهم المسلمين، يُرَبُّونهم على خير ما يتربى عليه.. المسلمُ في صِغَرِهِ إذا تربى على سماع القرآن، وعلى الاستفادة منه.
لا شك أن ذلك يكون حافزًا لهم على أن يواصلوا هذا التعلم، فإن المعلم يكون قدوة لِمَنْ يُعَلِّمُهُمْ ، ولمن يربيهم، سيما إذا كان ناصحا، وكان أيضا ممن يستعمل الأساليب الحسنة الجذابة يُرَغِّبُ الأولاد، ويُنَشِّطُهُمْ ويُمَنِّيهم ويُبَشِّرهم ويَحُثُّهم على المواصلة، ويُوَبِّخُ المتكاسلين والمتثاقلين والمتأخرين والْمُتَوانين، ويَحُثُّهم على مسابقة إخوانهم، وعلى السَّيْرِ مع زملائهم على خير، ويحثهم على الحفظ وعلى التَّكْرار، ويُذَكِّرُهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : تعاهدوا هذا القرآن، فلهو أشد تَفَلُّتًا من صدور الرجال من الإبل في عُقُلِهَا والتعاهد معناه: التكرار.
وكذلك أيضا يُبَشِّرُهُم بالخير بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السَّفَرة الكرام الْبَرَرة، والذي يقرأ القرآن ويَتَتَعْتَعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أَجْرَان هذا مما تندفع له النفوس.
إذا عَلِمَ الشاب بهذا الأجر أنه إذا مهر في القرآن، وأتقنه وحَفِظَهُ وجَوَّدَهُ، وصار من حَمَلَتِهِ، حمله ذلك على المواصلة، سِيَّمَا إذا عَلِمَ الأجر الكبير قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ يعني من الملائكة بِأَيْدِي سَفَرَةٍ يعني: أن أصل هذا القرآن أَصْلُ كلام الله تعالى فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ فالماهر بالقرآن يكون معهم، يعني: معهم في الدنيا، حيث إنه منهم، يعني له أجرهم، أو يُؤْتَى أجره مثلما يؤتون أجرهم.
السفرة الكرام البررة، قيل: إن السَّفَرة هم: الملائكة الذين ينزلون بالوحي، كأنهم سُفَرَاء بين الله تعالى وبين خلقه، ينزلون بالوحي على الملائكة ونحوهم، وصفهم بأنهم كِرَام على الله تعالى، بررة، يعني: أبرار من أهل الْبِرِّ، وأهل البر والأبرار هم: السعداء، وَعَدَهُمُ الله تعالى بقوله: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ .
لا شك أن هذا كله مما يَحْفِزُ همم الطلاب، ويندفعون به إلى العمل الصالح، وإلى أفضل القربات، أما إذا كان مهمته أنه مُجَرَّد ما يلقي عليهم الدرس، أو يُصَوِّبُ لهم الأخطاء، لا يشجعهم فإنَّ ذلك قد لا يُؤَثِّرُ في سيرتهم، ولا يَحْفِزُهم على المواصلة، كذلك بالنسبة إلى حملة القرآن من أولاد المسلمين نقول لهم: هنيئا لكم وبشرى! حيث إنكم في أول أعماركم، وفي شبابكم كنتم من الذين اهتموا بتعلم القرآن وبِتَفَهُّمِهِ وتَعَقُّلِهِ وبِحِفْظِهِ أو حفظ ما تيسر منه، فإن ذلك من علامات السعادة، وعلامات الخير، فبشرى لكم، ولكن لا تنقطعوا.

line-bottom