لقاء مفتوح بمخيم الردف
العبد يحتقر عمله أمام نعم الله عليه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإني أستغفر الله من أن أكون عند الناس -أعوذ بالله أن أكون في أعين الناس-كبيرا، وعند الله صغيرا، وأقول كما قال الشاعر القحطاني: اسم>
والله لو علمـوا بقبح ســريرتي | لأبـى السـلام علي من يلقـاني |
ولأعرضـوا عنـي وملوا صحبتي | ولبــؤت بعـد كرامـة بهـوان |
ولا أحب أن أواجه بمثل هذا الإطراء وهذا الرفع، فلسان الحال يقول:
أنا العبـد الذي كسب الذنــوبـا | وصدتــه الأمــاني أن يتـوبـا |
لــي ذنـــــوب شــغلتني | عــن صيــــامي وصـلاتـي |
تــركت جســـمي عـلــيلا | مـات مـن قبــل وفـــــاتي |
ليتنـــي تبــت لـــــربي | مــن جـــميع الســـــيئات |
أنـــا عبـــد لإلهـــــي | مغضــب فــي الخـــلــوات |
قـد تــوالت ســـــيئاتي | وتلاشـــت حســـــــناتي |
أسـتغفر الله من صيـــــامي | طـول زمــاني ومن صــــلاتي |
صـــوم يـرى كلـه خــروق | وصــلاة أيمـــــا صـــلاة |
كما ورد ذلك في حديث أنه: ما من أحد يأتيه أجله إلا تمنى أن يرد إلى الحياة؛ إن كان مسيئا تمنى أن يرد حتى يتوب، وإن كان محسنا تمنى أن يرد حتى يتزود من الحسنات؛ وذلك لأنه مهما عمل من الحسنات فإنها قليل بالنسبة إلى فضل الله تعالى عليه، وبالنسبة إلى ما تفضل الله به تعالى عليه من النعم التي لا تحصى، والأيادي التي لا تستقصى.
روي في بعض الأحاديث أن الله تعالى يحضر رجلا، وله حسنات أمثال الجبال فيقول: رسم> أدخلوه الجنة برحمتي. فيقول: يا رب: أليس بأعمالي هذه؟! فيقول الله: حاسبوا عبدي على نعمي عليه. فيحاسب على نعم الله فلا يبقى له من عمله شيء. فيقول الله: أدخلوه النار. فيقول: يا رب بل برحمتك أدخل الجنة. فيدخله الله الجنة برحمته. رسم> .
مهما كانت الأعمال، ومهما كانت الحسنات، فإنها قليلة بالنسبة إلى نعم الله سبحانه وتعالى؛ حيث تفضل على عباده بما أسداه عليهم من الفضل الكبير؛ فلو حاسبه على نعمة البصر ما بقي له من عمله شيء، ولو حاسبه على نعمة السمع، ولو حاسبه على نعمة العقل، ولو حاسبه على نعمة البطش، وعلى نعمة المشي، وعلى نعمة الأمن، وعلى نعمة الصحة، وعلى نعمة المال، وعلى نعمة الأولاد، وعلى نعمة الهداية: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأصرح من ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليالي حتى تفطرت قدماه، فقيل له: أتفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فنقول: وصيتنا لكل عبد مسلم، وصيتنا لكل من هداه الله تعالى: ألا يمدح نفسه وألا يزكيها، ولو عمل ما عمل؛ فكثير من الناس إذا نصحته وقد رأينا منه نقصا أو خللا يقول: أنا أصلي، أنا أصلي مع الجماعة، أنا أحافظ على الصلاة، فيدخل في تزكية النفس التي ذمها الله تعالى، ونهى عنها. لا شك أن هذا من التزكية التي قال فيها الرب تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
واعترفوا على أنفسكم بكثرة الخطايا؛ فإن الإنسان يكتسب خطايا كثيرة دائما؛ يكتسب خطايا بلسانه وهو لا يشعر؛ يكتسب خطايا بقلبه، بما يحدث به قلبه، يكتسب خطايا ببصره، أو بسمعه، أو بيديه، أو بقدميه، أو يكتسب في ماله، أو يكتسب بتساهله في أمر الله سبحانه وتعالى، وكلها تكتب عليه؛ ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولقد وردت الأدلة الكثيرة في ذكر عقوبات الله تعالى على السيئات وعلى المخالفات، وكذلك أيضا ذكر الله تعالى لما أنزله بالعصاة؛ أنزل بهم المثلات، وأنزل بهم العقوبات؛ لأجل أنهم نقصوا من حسناتهم، وزادوا في سيئاتهم، وتمادوا في الغفلة، وأكثروا من المخالفات، فأحصاه الله تعالى ونسوه، وحاسبهم عليه، ونشره لهم في يوم القيامة، عندما يقرأ أحدهم كتابه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>