عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
محاضرة بعنوان توجيهات للأسرة المسلمة
6068 مشاهدة
طرق وأسباب صلاح الأبناء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين, صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...
فإني أذكركم، ولست أعلمكم؛ فأنتم -والحمد لله- قد عرفتم, وقد علمتم, وقد تلقيتم معلومات كثيرة من المشائخ ومن الإخوة المواطنين, وذلك مما يكون وسيلة إلى تنوير البصائر, وإلى تعليم الجاهل والغافل، ولكن من باب التذكير؛ يعني تذكير شيء قد علمه الإنسان، ولكن حصل معه شيء من النسيان, أو من الغفلة؛ وقد أمر الله تعالى بالتذكير في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى يقول العلماء: ذكِّر إن نفعت وإن لم تنفع؛ وذلك لأن النفع أمر خفي.
وقال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ولهذا فإن هاتين السورتين شُرعت القراءة بهما في صلاة الجمعة الجهرية التي يحضرها الجمع الغفير, فشُرع أن يقرأ فيهما جهرا بسورتي: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وبسورة: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ؛ لما فيهما من هذه التعليمات.
فأقول: أُذكركم بما سمعتم في مقدمة المقدم –وفقه الله- وهو العناية بالأسرة، عناية كل مسلم بالأسرة التي تحت يده, وكيف تكون هذه العناية, وكيف يكون مصلحا لمن تحت يده؛ وذلك لأن الإنسان إما أن يُصلح -بإذن الله تعالى وتوفيقه- أهل بيته وأسرته ومن حوله, وإما أن يهملهم, وإما أن يفسدهم، هذا هو واقع الناس.
فنذكر في هذه الأمسية صورا من الذين أصلح الله تعالى بهم مَن تحت أيديهم, وما حملهم على ذلك, وكذلك أمثلة من الذين أهملوا أسرهم, وأمثلة من الذين أفسدوا أسرهم, ونرغِّب في الإصلاح, ونحذر من الإهمال ومن الإفساد.
فأولا: الذين أصلحوا أسرهم هم الذين أولوهم عناية, ولهذه العناية أمثلة، نذكر بعض الأمثلة وبعض أدلتها:
فمن ذلك أمر العقيدة، وهو أن المسئول عن أسرته وعن أولاده يلقنهم في صغرهم أمر العقيدة؛ حتى تقر في نفوسهم, وحتى تمتلئ بها قلوبهم.
كان الآباء فيما نعرف يلقنون الطفل في حالة صغره, وهو في الثانية من عمره أو نحوها: من ربك يا ولدي؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وبأي شيء عرفت ربك؟ ولأي شيء خلقك الله؟ وماذا أوجب الله عليك؟ وما أول شيء فرضه الله عليك؟ وبأي شيء أمرك؟ وعن أي شيء نهاك؟
فيعلم الطفل وهو في هذه السن الصغيرة, فينشأ وقد عرف أن ربه هو الذي خلقه, وأنه خلقه لعبادته, وأنه كلفه وأمره, ويحب هذه العلوم التي نشأ عليها والتي تعلمها, فنقول: إن هذا من أسباب التربية الصالحة والتنشئة الحسنة حتى يكون العبد المسلم موفقا في تنشئة وتربية من تحت يده, وذلك فضل الله.