اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
محاضرة في سراة عبيدة
4135 مشاهدة
التحذير من دعاة التنصير

ففي هذه الأزمنة كثر الدعاة، إما دعاة إلى الكفر أو إلى البدع أو إلى المعاصي أو إلى ترك الطاعات، فإذا رزق الله الإنسان علما وبصيرة فإنه لا يلتفت إليهم ولا يسمع دعاياتهم، فعليه أن يحذر منهم حتى يسلم على عقيدته. فهناك دعايات إلى الكفر كالمنصرين الذين يدعون إلى معتقد النصارى وما أكثرهم! ولكن المسلمون والحمد لله قد اقتنعوا بدينهم، وعرفوا أن ما هم عليه هو الصراط المستقيم.
كذلك أيضا من دعاياتهم ما يبثونه عبر الإذاعات، إذاعاتهم المسموعة أو إذاعاتهم المرئية، إما أنهم يدعون إلى دينهم الباطل الذي حرفوه وبدلوه والذي نُسخ بهذه الشريعة، وإما أنهم يشككون في الدين الإسلامي ويقدحون فيه ويشوهون منظره، وينشرون له سمعة سيئة. فإذا جاءوا إليك وأنت جاهل أخذوا يقولون: ألست تقر بأن عيسى نبي؟ ونحن نقر به، ونحن ننكر أن يكون محمدا نبي فعيسى متفق على نبوته ومحمد مختلف فيه فكيف تتبع المختَلَف فيه وتترك المتفق عليه؟ ونحو ذلك من الشُّبَه.
ثم يقولون: إن كتابكم الذي جاء به نبيكم فيه اختلاف، وكتبنا ليس فيها اختلاف. ثم يقولون: سنة نبيكم وأحاديثه فيها أيضا كذب، دخل فيها الكذب ودخل فيها الوضع؛ فكيف مع ذلك تتبعون هذا الدين الذي بني على ما فيه اختلاف وبني على ما فيه وضع وكذب؟. وأشباه ذلك. إذا وفق الله تعالى المسلم بعقيدة راسخة فإنه يرد عليهم ويقول لهم: بل أنتم الذي في دينكم اختلاف، وفي كتبكم اختلافات كثيرة أعظم مما تدعون.
وأما كتابنا فليس فيه اختلاف. لذلك قال تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ويرد عليهم بأن الله تعالى أظهر دين نبيه على الدين كله، وأذلكم أيها الكفرة، وأبعدكم عن الحق، وظهر بذلك تفاوت أديانكم وعدم اتفاقها، هذا نوع من أنواع الفتن.