اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
مسئولية الآباء تجاه الأبناء
3681 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرص على تعليم الأبناء الوضوء والصلاة

النبيُّ صلى الله عليه وسلم حَرِص أيضا على تربية الأولاد، حرض أمته على ذلك، ثبت عنه أنه قال: مُروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع تأديب من النبي صلى الله عليه وسلم وتعليم لأمته.
إذا بلغ الطفل سبع سنين ذكرا أو أنثى فإنه يؤمر بالصلاة أمرَ تعليم، ويؤمر أيضا بما يتقدمها، فيعلمه أبواه الطهارة وإن كان قد تعلمها قولا، ولا يتكل على تعليم المعلمين.
قد يقول: إن أولادنا يتعلمون صفة الوضوء، وصفة الطهارة، وصفة الصلاة، يتعلمونها في المدارس الابتدائية، وما بعدها فلا حاجة إلى أن نعلمهم.
نقول: بلى، عليكم مسئولية؛ وذلك لأن المعلمين يعلمونهم بالقول، وهم مع ذلك يحتاجون إلى التعليم بالفعل، فإن التعليم بالفعل أبلغ من التعليم بالقول.
فقد تسأل ولدك وتقول: يا ولدي كم أركان الوضوء؟
فيقول: ستة، غسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب والموالاة، فتقول: رعيا لك يا بني؛ فلقد أقررت عينيّ، ولكن هل تعرف ذلك بالفعل؟
أريد أن تتعلمه بالفعل، أرني كيف يكون غسل الوجه.
قد لا يعلم، يحفظها بالحروف، ولكن لا يدري، يسمع المضمضة ولا يدري ما هي، ويسمع الاستنشاق ولا يدري، ويسمع غسل الوجه ولا يدري ما كيفيته؛ لأنه طفل.
فتقول: هذا هو الوجه يُغسل من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، اغسل وجهك كله، واغسل ذقنك، واغسل خديك، هذان الخدان اغسلهما، أرني كيف يكون غسلهما، ثم تقول: هذه اليدان، وهذه المرفق، قد لا يدري ما معنى المرفقين أو المرافق، فتقول: هذه هي اليد، وهذا هو المرفق، اغسل، أرني كيف تغسل اليدين.
ثم تقول: هذا هو الرأس، امسح الرأس وامسح الأذنين، فالأذنان من الرأس، أرني كيف يكون المسح، فتتأكد من أنه يعرف ذلك بالفعل بعد أن كان يعرفه بالتلقين وبالكلام، وهذه الرجْل وهذان الكعبان، وهذا منتهى الكعبين، أرني كيف تغسلهما، قد لا يعرف الكعبين، ولا منتهى الكعبين الذي هو مستدَق الساق.
ما معنى الترتيب وما معنى الموالاة؟
يحفظهما وقد لا يعرف ما معناهما، فتعلمه وتقول: الترتيب هو أنك لا تقدم غسل اليدين على الوجه، ولا مسح الرأس على اليدين، ولا غسل الرجلين على المسح، بل ترتب على ما ذكر الله.
الموالاة معناها كذا وكذا، فإذا تأكدت من معرفته لذلك عرف ذلك مرة بعد مرة.
بقي عندك تعليمه الصلاة، قد يقول: إني أعرف شروط الصلاة التسعة، ولكن يعرفها حفظا، وقد لا يعرفها فعلا، فتبينها له.
وكذلك -أيضا- قد يقول: نعم إني أحفظ أركان الصلاة أربعة عشر، أحفظها كلها، ولكن قد لا يعرفها بالفعل، بل يكون يحفظها بلسانه، وبقلبه، ولكن لا يعرفها.
فإذا أريته الصلاة وقلت له: قف هذه هي القبلة، وهذا هو القيام، القيام مع القدرة، هذا هو الوقوف في الصلاة فلا تصل جالسا، وهذا محل قراءة الفاتحة، وهذه هي تكبيرة الإحرام، وهذا هو كيفية الركوع، وهذا هو الرفع منه، وهذا هو السجود على سبعة الأعضاء، وتبين له سبعة الأعضاء التي يسجد عليها وكيف يرتبها، وهكذا الأقوال التي في الصلاة التي هي الواجبات، هذا التعليم تعليم بالفعل، لا يكفي عنه التعليم بالقول.
ثم لا بد أنك تأخذ بيده إذا كان ذكرا إلى المسجد من حين يتم سبع سنين، تذهب به معك، وتريه الصلاة بالفعل، أمره بالصلاة في هذا أمر تدريب وأمر تعليم؛ حتى يحب الصلاة في صغره، ويألف المسجد، ويألف الصلاة، ويعرفها ويحبها، ويعرف قدرها، فإذا تم عشر سنين هنالك يكون قد قارب البلوغ، يكون قد قارب أنه يبلغ، لأنه قد يحتلم وهو ابن عشر سنين فلذلك قال: واضربوهم عليها لعشر يضرب بعد العاشرة للتأديب ضرب تأديب، وضرب تعليم، وإن كان ضربا غير مبرح وغير شديد، ولكن ذلك لينزجر به، فإذا تعلم ولو بالقوة والشدة عند ذلك يخاف.
الغالب أن الأولاد في هذا السن يألفون الراحة، واللعب، واللهو ويحتاجون إلى الشدة عليهم، إلى أن يؤمروا أمرا شديدا.
وكذلك أيضا يُضربون على التأخر والتخلف، وبذلك يتم تعليمهم، هذا هو الحق، أن الوالد عليه مسئولية أنه يعلم أولاده بالفعل.

line-bottom