من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
مسائل الجاهلية
6167 مشاهدة print word pdf
line-top
ظن الجاهلية

أمور الجاهلية كثيرة يطول شرح أمثالها، لكن نذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على بعضها حتى يُعْرَفَ بذلك جنسها فَيُتَجَنَّب.
فمن ذلك قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ هكذا يظنون ظن الجاهلية، هذه الآية جاءت في قصة أُحد في سورة آل عمران، وذلك لأنه لما جاء المشركون في نحو ثلاثة آلاف لغزو أهل المدينة كان من بينهم مَنْ ظهر نفاقه، فيقول الله تعالى: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ .
تكلم على هذه الآية ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد لما ذكر موقعة أحد وذكر حالة هؤلاء الجاهليين الذين يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، وقال: هذا ظن المنافقين الذين ذكرهم الله تعالى في سورة الفتح في قوله تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ .
فذكر أن هذا هو ظَنُّ السوء، وأنه هو ظن الجاهلية، ثم استدل على كيفيته بما ذكره الله تعالى عن بعض الأعراب في قوله عز وجل: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا .
فهذا هو ظنهم، يظنون أن الإسلام سوف يَضْمَحِلُّ، وأن الرسول سوف يُقْتَلُ، وأن المسلمين لا عاقبة لهم، وأن العاقبة والنصرة تكون لأعدائهم عليهم، وأنه سيُدِيل اللَّهُ الكفار على المؤمنين، ولا ينصر أولياءه، فكان هذا من ظن الجاهلية.
وقد أكثر ابن القيم رحمه الله من الصُّوَرِ في هذه الحالة، يعني: ذكر أمثلة قد تزيد على المائة أو تقاربها، ولكنه استطرد في أشياء لا صلة لها بظن الجاهلية، ولكنها ظنون شركية ونحوها.
فنقول: تَجَنَّبُوا هذا الظن؛ فإنه ظَنُّ الجاهلية، وقد نهى الله تعالى عن أكثر الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ فَمَنْ ظن مثلًا أن الكفار يتمكنون، ويظهرون على الإسلام وعلى أهله فهذا ظن الجاهلية.
ومَنْ ظن أن المسلمين على خطأ، وأن إسلامهم وأن أعمالهم ليست شرعية فهذا من ظن الجاهلية.
ومَنْ ظَنَّ أن هذا القرآن الذي نقرؤه.. أن فيه اختلافا، وأنه ليس من عند الله كُلِّهِ فهذا من ظن الجاهلية.
ومَنْ ظَنَّ أن الرسول عليه الصلاة والسلام مُتَقَوِّلٌ، وأنه ليس صادقا فيما يقوله من هذه الإرشادات والتوجيهات فهذا من ظن الجاهلية.
الأمثلة كثيرة يلحق بها ظنون المتبدعة والمشركين ونحوهم، هذا مثال.

line-bottom