شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
الإسلام بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط
20756 مشاهدة print word pdf
line-top
أولا: فيما يتعلق بالعقائد

1- اليهودية:
لقد ثبت أن دين النبي موسى - عليه السلام- الذي يدين به أتباعه من اليهود كان دينا سماويا، اختاره الله وفضله في ذلك الوقت؛ ولكنه مؤقت بإرسال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فمنذ أن بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- وذلك الدين منسوخ.
ولقد دخل الدين اليهودي التحريفُ والتبديل بعد أنبيائهم، وما ذاك إلا أن الله ضمنَ حفظ الشريعة الإسلامية بنفسه، فقال -تعالى- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فتكفل بحفظ هذه الشريعة من أن يدخلها شيء من الزيادة أو النقص أو التغيير.
أما الشرائع الأخرى فقد وكَّل حفظها إلى علمائها وأحبار أمتها، كما في قوله تعالى: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فكان ذلك سببا في وقوع التحريف والتبديل في الشرائع السابقة مما جعلها غير ملائمة. ثم بعدها بعث الله سبحانه وتعالى محمدا -صلى الله عليه وسلم- وحفظ هذا الدين بنفسه فأصبح هو الدين الوحيد الملائم للبشرية.
ومن التحريف الذي حصل في اليهودية على سبيل المثال: اعتقادهم في عيسى بأنه ولد بغي! وأن أمه زانية! حيث رموها ببهتان عظيم، كما قال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
2 - النصرانية:
وهناك دين النصرانية الذي يدين به اليوم عدد كبير جدا من أهل الأرض، ولا شك أن دين المسيح ابن مريم عليه السلام كان دينا سماويا؛ ولكن كان مؤقتا بإرسال محمد -صلى الله عليه وسلم- كغيره من الأديان السابقة، وهو الذي بشر برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في قوله: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ .
وقد أخذ الله الميثاق عليه - بل وعلى كل الأنبياء- أن يتبعوا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- متى بُعث، فقال -تعالى- وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ .
قال ابن عباس: ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بُعث محمد وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء، أن يتبعوه ويؤمنوا به وينصروه . ذكره ابن كثير عند تفسير هذه الآية.
ثم جاء النصارى، فزادوا غلوًّا، ورفعوا عيسى ابن مريم وأعطوه ما لا يستحقه!
فحكى الله عنهم أنهم قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وكذلك حكى عنهم أنهم قالوا: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وكذلك كفر من يقول إن الله ثالث ثلاثة، يعني الله، وعيسى وأمه، كما في قوله تعالى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ .
3- الإسلام:
ثم جاء الإسلام فتوسط بين هؤلاء وهؤلاء، فلا إفراط ولا تفريط، لا إفراط كالذين زادوا وقالوا: هو الله! أو ابن الله! أو ثالث ثلاثة! ولا تفريط كالذين قالوا: إن المسيح ابن بغي!
بل شهدوا أن عيسى عبد الله، ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، كما في قوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ .
فشهد له بأنه رسول، وأكد ذلك في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فهو رسول كسائر الرسل، وهذا هو القول الوسط، لا إفراط ولا تفريط.

line-bottom