من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
الإسلام بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط
21637 مشاهدة print word pdf
line-top
ثانيا: فيما يتعلق بالأعمال

وهكذا في مجال الأعمال فكان الإسلام وسطا بين اليهودية، والنصرانية ولإيضاح ذلك نذكر بعض الأمثلة المختصرة على ذلك:
المثال الأول:
فاليهود يرون الطلاق ولا يرون الرجعة، فلو طُلِّقت الزوجة فلا رجعة عليها لزوجها.
أما النصارى فيرون أن لا طلاق، فمتى عُقد للإنسان فلا طلاق له، ولا يحق له الطلاق.
وجاء الإسلام فتوسط، وجعل للإنسان أن يطلق للحاجة متى شاء، وأن يراجع بعد الطلقة الأولى، وبعد الثانية .. فقد يتعجل الإنسان في أمر لا بد فيه من الأناة فيتلافى ذلك بعد حين.
المثال الثاني:
اليهود يرون القصاص في القتل حتما وليس هناك مجال للعفو؛ بينما يرى النصارى العفو حتما.
فجاء الإسلام بالتخيير، وذلك بتخيير ولي المقتول بين القصاص، وبين العفو وأخذ الدية، أو العفو مطلقا فصار بذلك متوسطا، لا إلزام بالعفو، ولا إلزام بالقصاص، بل توسط بينهما.
المثال الثالث:
كذلك جاء الإسلام أيضا بالتوسط في أحكام المجازاة ونحوها. فقد أباح الله -سبحانه وتعالى- المجازاة على الأعمال بمثلها، كما في قوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .
كما أباح للإنسان أن يعاقب من يعتدي عليه بالمثل، في قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ أي بالمثل فقط لا بالزيادة، ولكنه فضّل الصبر لقوله: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .
لكن دين النصارى يأمرهم بأن يعفوا، وأن لا ينتصروا ولا ينتقموا لأنفسهم أبدا؛ ودين اليهود يحتم عليه بأن يستوفي وأن يقتص.
فالإسلام جاء بهذا الدين، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.

line-bottom