إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة
15526 مشاهدة print word pdf
line-top
الحث على استغلال الأوقات الفاضلة وبيان فضل شهر الله المحرم

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، الهادي إلى إحسانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا بلا إله إلا الله فإنها العروة الوثقى، واحذروا المعاصي، واحذروا المعاصي فإن أبدانكم على النار لا تقوى، وتواضعوا لله فإن من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه، ومن زرع التقوى حمد عند حصادها ما زرعه.
واعلموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكرر علينا التمسك بسنته؛ فكان يقول في خطبته: إن أحسن الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وفي رواية: وكل ضلالة في النار .
واعلموا أنكم غدا بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم مجزيون، وعن أفعالكم محاسبون، وعلى تفريطكم وإهمالكم نادمون، وعلى رب العزة ستعرضون، واعلموا أن مآلكم لا في هذه الدار.. لأنها دار ممر، وأن الآخرة هي دار المقر، فتزودوا من ممركم لمقركم، وتأهبوا ليوم حسابكم، وعرضكم على ربكم يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ .
واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسوف يتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم واستعدوا للموت ولما بعد الموت، وذلك بإحياء السنة وبإماتة البدع، وبهجر المبتدعين الذين أفسدوا في دين الله ما ليس منه.
واغتنموا أوقات الفضل وأوقات الشرف؛ فإن منها هذا الشهر الكريم، ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم يعني هذا الشهر جعل الصيام فيه من أفضل الصيام؛ وذلك لفضله ولأنه أول السنة الهجرية، ولأنه آخر الأشهر الحرم، التي جعلها الله تعالى وسماها أشهرا في قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فهذا هو آخرها وهي: رجب وذو القعدة وذو الحجة وشهر المحرم، فمن حرمته ومن فضله أن الصيام فيه أفضل من غيره.
ثم إن من بين أيامه اليوم العاشر الذي صامه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمر الناس بصيامه؛ وذلك لأنه لما قدم المدينة في السنة الأولى من الهجرة، وجاءت السنة الثانية وإذا اليهود يستعدون لصيام هذا اليوم العاشر من شهر محرم فسألهم فقالوا: إنه يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فيه فرعون وقومه، فصامه موسى -عليه السلام- فنحن نصومه فقال -صلى الله عليه وسلم-: نحن أحق بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه .
هكذا جاءت السنة في صيام أو في فضل صيام هذا اليوم -اليوم العاشر من هذا الشهر- وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي قتادة أنه قال: صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله يعني أن يكفر الذنوب الصغائر في سنة ماضية، وذلك فضل كبير.
ثم في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له: إن اليهود يصومونه. فأراد أن يخالفهم قال: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع أي لأصومن اليوم التاسع إضافة إلى العاشر، فلذلك يشرع أن يتفرد المسلم بصيام هذين اليومين، اليوم التاسع واليوم العاشر، ويوافق في هذا الشهر يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء القادم.
وقد روي أيضا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: صوموا يوما قبله أو يوما بعده يعني من لم يتيسر له أن يصوم الثلاثة فيصوم الأربعاء ويصوم الخميس، ومن قوي على أن يصوم الثلاثة فله أجره وله الفضل، ليصوم ثلاثا من هذا الشهر يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، فهذا ما جاء في هذا الشهر، أو ما جاء في فضل هذا اليوم.

line-bottom