إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة
10347 مشاهدة
بدع الناصبة وبغض آل البيت

وهكذا أيضا قابل هؤلاء الرافضة طائفة أخرى هم النواصب، الناصبة هم يقاتلون الرافضة، وهم الذين ينصبون العداوة لعلي ولذريته، هؤلاء أيضا عملوا بدعة أخرى قد تكون مقابلة لتلك البدع، وهي أن يجعلوا يوم عاشوراء يوم فرح وسرور، يريدون بذلك أن يخالفوا أولئك الرافضة، وأن يكونوا ضدا لهم، فهم إذا جاء يوم عاشوراء أظهروا الفرح والسرور، وأظهروا الابتهاج، وأكرموا أنفسهم، وتوسعوا في المآكل والمشارب، وابتدعوا أيضا بدعا، ورووا أحاديث مكذوبة لا أصل لها.
وصاروا يظهرون في ذلك اليوم يظهرون بزينتهم؛ فيكتحلون ويدَّهِنون ويلبسون أحسن الثياب وأجملها، ويتوسعون في المآكل وفي المشارب، ويوسعون على أهليهم، ويروون في ذلك أحاديث مكذوبة لا أصل لها، أن من وسع على عياله في يوم عاشوراء وسع الله عليه بقية سنته، ولا أصل لذلك وأن من اكتحل في يوم عاشوراء لم ترمد عينه أبدا، وأن من ادهن فيه أو لبس فيه أجمل ثيابه فإن له من الأجر كذا وكذا، فهذه أيضا بدع ابتدعها النواصب يريدون بذلك أن يغيظوا الروافض.
وكلا البدعتين محدثة في الدين؛ فلا يغالى في هذا اليوم، لا أن يجعل يوم فرح وسرور كما يفعل ذلك النواصب، ولا أن يجعل يوم حزن ومأتم كما يفعل ذلك الروافض، وإنما السنة أن يفعل فيه ما جاء به أو ما سنه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي الاقتصار على صيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده معه؛ وذلك لأن الصيام فيه أجر، فيه أجر كبير، وفيه فضل عظيم، قد اصطفاه الله تعالى لنفسه مطلقا في قوله في الحديث القدسي: الصوم لي وأنا أجزي به قال: إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي فإذا تقرب العبد بصيام هذا اليوم فله هذا الأجر الكبير، من غير أن يشارك المبتدعة في بدعهم، بل يتمسك بالسنة ولو خالفه من خالفه، ولو خالفه من حوله.
فعلى المسلم أن يكون من أهل هذه الشريعة حقا، وأن يسير على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى نهج أصحابه وبذلك يكون من أهل النجاة ومن أهل السلامة.