إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة
14670 مشاهدة print word pdf
line-top
بدع الرافضة والغلو في آل البيت

يحتسب المسلمون ويتقربون إلى الله تعالى -أي بصيامه- ولا يزيدون على هذا الصيام -أي لا يضيفون إليه شيئا-؛ وذلك لأن هذا اليوم -الذي هو اليوم العاشر من شهر محرم- وقع فيه في سنة إحدى وستين مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنه- لما كتب إليه أهل العراق أنهم سوف ينصرونه ويولونه عليهم كخليفة، فلما جاء إليهم أرسلوا إليه جيشا فقاتله فقتل، فقتل مظلوما -رضي الله عنه-.
ثم إن الرافضة الذين غلوا في محبته وغلوا في محبة أبيه ابتدعوا في هذا اليوم في القرن الرابع -أي بعد القرون الثلاثة- أن جعلوا يوم عاشوراء يوم مأتم، ويوم حزن، إذا جاء هذا اليوم برزوا بما يستطيعونه من آلاتهم وأجهزتهم، وأخذوا ينتفون شعورهم، ويضربون وجوههم وخدودهم وصدورهم، ويشقون ثيابهم، ويصيحون، وينوحون، ويدَّعون أنهم بذلك ينصرون الحسين وأن هذا من الحزن عليه، وأن هذا من آثار محبته. وهكذا ابتدعوا هذه البدعة في القرن الرابع وما بعده إلى هذه القرون، يجعلون هذا اليوم يوم حزن.
وأنت تعلم أن هذا من البدع، من البدع المحدثة التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وأيضا فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن مثل ذلك، ينهى عن هذا الحزن، وعن هذا الضرب ونحوه؛ فثبت في الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم- ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وذلك لأن أهل الجاهلية عند موت أحدهم يظهرون الحزن؛ فيضربون خدودهم، ويضربون صدورهم، ويصيحون وينوحون، وينتفون شعورهم، ويشقون ثيابهم.
وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- برئ من الصالقة والحالقة والشاقة؛ فالصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة هي التي تشق ثوبها. وأيضا فإنه -صلى الله عليه وسلم- أمر عند المصيبة بالصبر، وأخبر أن الصبر عند الصدمة الأولى وأخبر بأن النائحة يقول عليه السلام: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب .
يحذر من أمور الجاهلية، ويحذر من دعوى الجاهلية، التي هي الصياح والنياحة؛ ذلك لأنهم إذا مات فيهم ميت أخذوا ينوحون ويدعونه فيقولون: وا ولداه، وا أخواه، وا أبواه، وا ابناه، وا فتاه، كأنهم ينتقدون على الله ويعترضون عليه أن قبض منهم من قبض.
وكذلك أيضا ينادونه بصفته التي كانوا ينالونها منه فيقولون: وا مطعماه، وا ساقياه، .. وا ناصراه، وما أشبه ذلك، أو يدعونه باسمه نياحة كقولهم: .. وا سعداه، وا إبراهيماه، وأشباه ذلك، فجاء الإسلام بإبطال ذلك.
ولكن هؤلاء الرافضة لا ينتهون عن مثل هذه النياحة، ويدعون أن ذلك من الشريعة. ولا شك أنه بدعة محدثة ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ثم هي لا تدل على محبتهم؛ لو كانوا يحبونه لنصروه، ولنصروا أباه، ولنصروا الإسلام ومن جاء به من أولياء الله تعالى، فليست المحبة هذه النياحة وهذا الصياح؛ فلا يغتر بما يفعلونه.
وكذلك أيضا ما يحصل في هذه الاجتماعات وفي هذه النياحة -ما يحصل فيها من المنكرات كترك الصلوات، وكالغلو في الحسين وعلي وغيره، وكدعوتهم إلى هذه الأفعال المنكرة، فعلينا أن ننكر بقلوبنا، وننكر بألسنتنا، ونحمد الله تعالى على أن هدانا للسنة، وعلى أن وفقنا للتمسك بها، وأن نسير على نهجها.
ونعلم أنه قد أصيب .. خلق كثير؛ فنبينا -صلى الله عليه وسلم- قد لقي من الأذى ما لقي، وقد سحره اليهود، وقد سموه -يعني أطعموه طعاما فيه سم- وكل ذلك من المصائب، وكذلك خليفته أبو بكر -رضي الله عنه- حسده بعض الحاسدين وسقاه سما كان سببا في موته -رضي الله عنه- وهكذا خليفته عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تسلط عليه أبو لؤلؤة فقتله لما أنه في نظره لم ينصفه مع أنه .. أن ينصفه -رضي الله عنه- مصيبة عظيمة. وهكذا أيضا تسلط الثوار على عثمان -رضي الله عنه- فقتلوه ظلما، قتلوه وهو في محرابه يصلي، يقطع الليل تسبيحا وقرآنا.
وهكذا الكثير من الصحابة، والكثير من التابعين الذين قتلوا ظلما، ومع ذلك فإن المسلمين يرضون بما قسم الله، ويسترجعون ويقولون ما أمر الله به: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها. ولا يأتون بهذه الأفعال المبتدعة.

line-bottom