كلمة في الهيئة
آثار التخلي عن أداء مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أما إذا تركوا وتكاسلوا واقتصر الصالح منهم على نفسه وأقر المنكر وهو يراه أو تساهل في إنكاره أو اقتصر في الإنكار على شيء لا يكفي كمجرد افعل أو نحو ذلك فإنه بلا شك تحصل العقوبة عامة أو خاصة، استدل على ذلك بقول الله تعالى: رسم> وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قرآن> رسم> أي: لا تصيب الظالمين فقط، بل تصيبهم وتصيب الساكتين وتصيب المقرين وما أشبه ذلك.
كما حصل لمن قبلنا فقد ذكر ابن القيم اسم> في الجواب الكافي أن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يهلكوا من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين ألفا من شرارهم، لماذا يا رب تهلك الخيار؟ قال: لأنهم لم يغضبوا لغضبي وكانوا يجالسون أهل المعاصي ويشاركونهم فكان ذلك سببا لأن عمتهم العقوبة معهم.
وثبت عن أبي بكر الصديق اسم> -رضي الله عنه- أنه قال: أيها الناس إنكم تقرءون قول الله –تعالى- رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ قرآن> رسم> وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب متن_ح> رسم> إذا رأوه فلم يغيروه وهم قادرون حري أن يعمهم الله بعقاب من عنده تنزل العقوبة فتعم الصالح والطالح.
وكذلك في حديث آخر في قوله: رسم> إن المعصية إذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة، وإذا خفيت لم تضر إلا صاحبها رسم> وقد تلا النبي -صلى الله عليه وسلم- قول الله تعالى: رسم> لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ قرآن> رسم> رسم> لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ قرآن> رسم> يقال لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فواكلوهم وشاربوهم وجالسوهم فضرب الله قلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان داود اسم> وعيسى ابن مريم اسم> لما حدث بذلك كان متكأ فجلس؛ لأهمية الأمر وقال: رسم> كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم ولتقصرنه على الحق قصرا، ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم متن_ح> رسم> .
ودخل رجل على ابن عباس اسم> وهو يبكي فقال: إني قرأت قول الله تعالى: رسم> وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ قرآن> رسم> وكأن الناس في هذه المعصية وهي اعتداؤهم في السبت وصيدهم السمك الذي حرم عليهم في السبت كأنهم انقسموا إلى ثلاث طوائف:
قسم وقعوا في هذه المعصية اعتداؤهم في السبت، وقسم نهوهم وحذروهم من العقوبة، وقسم سكتوا وقالوا للذين ينهونهم: رسم> لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ قرآن> رسم> كيف تعظونهم الله مهلكم فقال الناهون: رسم> مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ قرآن> رسم> فالذين اعتدوا قال الله لهم: رسم> كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ قرآن> رسم> والذين نهوا قال الله: رسم> أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ قرآن> رسم> فذكر أنه أنجى الذين ينهون والذين سكتوا سكت عنهم بعضهم يقول: إنهم هلكوا مع غيرهم وهذا ما أحزن ابن عباس اسم> كأنه يقول: إننا قد نرى كثيرا من المنكرات ونسكت عنها، فإذا كان في زمن ابن عباس اسم> الذي هو زمن مطهر يخاف أنهم إذا سكتوا تعمهم العقوبة فكيف بزماننا الذي عمت فيه المصائب، وكثرت فيه المنكرات، فنخشى إذا سكتنا أو إذا جالسنا ووانسنا وآكلنا وشاربنا أن يحل بنا ما حل بهم.
ضرب الله في قلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم، ونخشى أيضا أن ينطبق علينا الحديث أو المثل الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل الآمرين والعاصين في قوله: رسم> مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان بعضهم في أسفلها، وكان بعضهم في أعلاها، وكان الذي في أسفلها يمرون على أعلاهم إذا استقوا الماء متن_ح> رسم> احتاجوا إلى أن يأخذوا ماء من البحر ليتوضئوا به وليغسلوا به فيصعدون إلى الذين في أعلاهم ويغترفون وقد يتقاطر منهم شيء من الماء على من فوقهم ففكروا فقالوا: لماذا لا نخرق في نصيبنا الذي هو أسفل خرقا نغترف منه من البحر حتى لا نؤذي من فوقنا؟ فإن أقرهم الأعلون وتركوهم يخرقون دخل الماء في السفينة وغرقت وغرق الأعلى والأسفل جميعا، وإن أخذوا على أيديهم ومنعوهم من خرقها نجوا ونجوا جميعا.
فكذلك القائم على حدود الله والواقع فيها. إذا أخذوا على أيدي هؤلاء الواقعين ومنعوهم من أن يعصوا ويقعوا في المعاصي نجا العاصي ونجا الآخذ والآمر والناهي، وإذا تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا. فهذا مثل مطابق .
مسألة>