من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
كلمة مجلس مستودع الأوقاف
2883 مشاهدة
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فنقول: إن هذه من واجباتنا جميعا أن نسعى في إصلاح إخواننا المواطنين سيما المستقيمين، وأن لا نشجع المنحرفين.
إذا رأينا أهل المعاصي فلا نشجعهم، ولا نزكيهم ولا نشهد لهم بخير، وهم أهل شر إذا كانوا لا يصلون مع الجماعة، وإذا كانوا يستمعون الأغاني والملاهي في بيوتهم أو في المقاهي أو الاستراحات وما أشبه ذلك، أو كانوا لا يهتمون بتدريس أولادهم للقرآن في المدارس الخيرية فإننا نعرف أن هذا واجب على المواطنين كلهم الفقراء والأغنياء، وأن علينا أن ننشر ذلك في المواطنين كلهم غنيهم وفقيرهم ومتوسطهم، فنبين لهم أن من تمام استقامة المسلم ومن تمام صلاحه وإصلاحه أن يكون محافظا على العبادات، الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة للإخوان المسلمين، وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجوار، والدعوة إلى الله تعالى وغير ذلك من خصال الخير.
وهكذا أيضا نحرص على تطهير المسلمين من المحرمات تطهير ألسنتهم من السب والعيب والقذف والكفر أو السخرية بأهل الإيمان وأهل الصلاح، وتطهير ألسنتهم من الغيبة والنميمة والقذف والعيب والبهتان والكذب والزور وما أشبه ذلك، وتطهير أموالهم من الرشوة والربا والغش في المعاملات والسرقة والنهب والاختلاس والخيانة للأمانات وما أشبه ذلك، وتطهير جوارحهم من سماع الأغاني والنظر إلى الصور والأفلام وما أشبه ذلك، وتطهير جميع مجتمعاتهم، وبذلك نكون حقا من المسلمين المنيبين إلى الله سبحانه وتعالى سواء منا الفقراء الذين مستهم الحاجة، أو الأغنياء الذين أكثر الله لهم من الأموال، أو المتوسطين الذين عندهم سداد وكفاية وعندهم ما يكفيهم، وإن لم يكن عندهم فضل في أموالهم فالجميع عليهم أن يكونوا على حالة الاستقامة.
لا شك أن المعاصي ونحوها قد حرمها الله تعالى، وشدد في تحريمها، ولكن صدورها من الضعفاء ونحوهم يكون أشد إثما، فيقول أو جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، وملك كذاب الأشيمط: يعني شيخ كبير، قد أسن وطعن في السن، ومع ذلك يتعاطى الزنا، وذلك لأنه إذا كبر عادة تضعف دواعي الجماع في حقه، فإذا كبر ومع ذلك أصر على الزنا دل ذلك على خبث طويته، وعلى خبث نيته وخبث عمله، لا شك أن الزنا محرم من الشباب والشيب والكهول ونحوهم، ولكن صدوره من الذي دواعيه ضعيفة يكون أشد إثما.
والعائل المستكبر: هو الفقير الذي لا يجد إلا الكفاية أو أقل من الكفاية، ومع ذلك متكبر، الكبر محرم سواء على الفقير أو على الغني، سواء على الأمير أو المأمور، الكبر هو بطر الحق وغمط الناس، ولكن إذا تكبر الفقراء وشمخوا بأنفسهم، وأظهروا الترفع على بني جنسهم، واحتقروا الآخرين واستهانوا بغيرهم من سائر الناس، ورأوا أولئك الناس صغارا محتقرين كأمثال الذر كان هذا أكبر إثما؛ فلذلك نقول: إننا إذا رأينا المعصية من الفقراء استعظمناها، وقلنا: كيف أن هذا مع ذلك ذو حاجة يتصدق الناس عليه، ومع ذلك يفعل هذه المعاصي؟ لا يجوز لنا أن نشجعه، ولا أن نتصدق عليه.
إذا كان مثلا يشرب الدخان فلا يستحق أن يُتصدق عليه، وكذلك إذا كان يتعاطى مخدرات أو يشرب المسكرات فليس أهلا أن يتصدق عليه؛ فضلا عن كونه يستعمل المحرمات كسماع الأغاني والملاهي، وكذلك إدخال أجهزة الملاهي في منزله، وهكذا أيضا كونه يغتاب الناس ويسخر منهم، ويستضعف غيره ممن هو مثله أو فوقه، وكذلك كونه يغتاب أو ينم، أو يقول فحشا أو يقول إثما أو يرتكب زورا؛ لا صدقة له، ولا يستحق أن يتصدق عليه أيا كانت الصدقة بل يعاقب أو يحرم من الصدقات التي تبرع بها المحسنون؛ لأجل أن تؤتى لذوي الحاجات المستقيمين.