القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
لقاء مفتوح مع الشيخ
4780 مشاهدة
نشر العلم وتبليغه

بعد ذلك لا شك أن على من حمل علما -ولو قليلا- أن يبينه ولا يكتمه؛ لأنه يكون من حملة العلم الذي هو ميراث الأنبياء، فيقال: أنت من ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما؛ وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر؛ فعلى هذا نقول: إن كل من حمل علما قليلا أو كثيرا كان عليه أن يبين هذا العلم، وأن يدل عليه من يجهله؛ إذا تحقق أنه من العلم الصحيح، ورأى من ينقصه أمر من الأمور الدينية فلا يسعه إلا أن يفصح عما عنده؛ حتى يبين الحق لمن يطلبه.
وبعد ذلك لا شك أن حامل العلم له حقوق وعليه حقوق ؛ فعليه أن يبين ما حمَّله الله تعالى، ولا يكتم ما آتاه الله، وما فضله وميزه به؛ فقد توعد الله تعالى على الكتمان وعيدا شديدا. قال الله تعالى: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ تكتموا الحق ؛ يعني: العلم الصحيح، وأنتم تعلمونه؛ فتجدون من هو بحاجة إليه ولكنكم لا تبينونه. وهكذا قال الله تعالى متوعدا على الكتمان؛ قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ .
ما ذكر الله تعالى إلا هذا العمل منهم: يكتمون ما أنزل الله من العلم، ومن الكتاب، ويشترون به حظوظا دنيوية؛ يشترون به مناصب، يشترون به شهرة، يشترون به حظوظا عاجلة أو مصالح دنيوية، ويكتمون العلم وهم يعلمونه، ويغيرونه ويحرفونه عما أنزله الله تعالى عليه؛ فهذا الوعيد الشديد ينصب على مثل هؤلاء.
فعلى هذا.. على من تعلم علما -ولو قليلا- ألا يكون من هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله تعالى من الكتاب، ويشترون به ثمنا قليلا، ولو لم يتعلم إلا قليلا، فإنه مأمور بأن يبلغ ما سمعه؛ فقد ثبت في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالبيان عنه والبلاغ بقوله في خطبته في حجة الوداع: ليبلغ الشاهد منكم الغائب الشاهد الذي حضر وحفظ؛ يبلغ الغائبين الذين ما حضروا؛ فرب مبلَّغ أوعى من سامع ورب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ؛ فهكذا يبلغ من حفظ ولو آية. بلغوا عني ولو آية ؛ هكذا ورد في الحديث.