إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
لقاء مفتوح مع الشيخ
4785 مشاهدة
العالم القدوة

كذلك على طالب العلم حامل العلم بعد ذلك أن يكون قدوة في عمله؛ كما أنه قدوة في قوله؛ وذلك لأن الناس يقتدون به في أقواله أكثر مما يقتدون به في أفعاله عادة؛ يقتدون به في أفعاله أكثر من إقتدائهم به في أقواله، ولو كان قدوة في القول وفي العمل؛ فيكون عليه أن يبدأ بنفسه، فيطبق المعلومات التي تعلمها، ويعمل بها ويبينها، ولا يعمل بخلاف ما يعلم، فإن ذلك يكون أعظم للحجة عليه؛ ولذلك قال بعضهم:
مـواعظ الــواعظ لـن تقبــلا
حــتى يعيهــــا قلبـه أولا
يـا قـوم من أظـلـم من واعـظ
خـالف مـا قد قـاله في المـلا
أظهــر بيـن النــاس إحسـانه
وخـالف الرحـمن لمـا خـــلا

فالمعلم قدوة بأقواله وقدوة بأفعاله؛ فعليه أن يحقق هذا الاقتداء؛ حتى يكون حقا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويعلمونه ويبينونه.
كذلك أيضا إذا عُرف بأنه من حملة العلم فلا يجوز له أن يرفع نفسه، وأن يتكبر وأن يحتقر غيره؛ إذا بلغ منصبا رفيعا، أو بلغ مرتبة راقية، فإن عليه أن يتواضع؛ يتواضع لطلاب العلم، ويعرف فضلهم، ويقدر لهم قدرهم؛ كما كان ذلك دأب كثير من السلف -رحمهم الله- لقد كان كثير منهم يحترمون الطلاب؛ حتى حفظ عن يحيى بن سعيد القطان أنه يقول لتلميذه مسدد بن مسرهد ؛ يقول: إنك أولى بأن نأتي إليك لنحدثك، أو كما قال. لماذا؟ لأنه عرف أنه من الذين يهتمون بطلب العلم؛ فيشجعه بهذا، ويتواضع له، ولا يتكبر. إذا عرف أن هناك من يرغب في التحمل ومن يرغب في الاستفادة، فلا يبخل عليهم بعلمه، ولا يتكبر عليهم بما أعطاه الله تعالى، وبذلك يكون قدوة.
وبذلك أيضا يعرف الناس فضل العلم إذا رأوا تواضع العالم، ورأوا سهولة جانبه، ورأوا لين قوله؛ لا شك أنهم يرغبون في الاستفادة منه، ويحبونه ويألفونه؛ هذا من جانب طالب العلم.