تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
محاضرة بعنوان شكر النعم (1)
5612 مشاهدة
نعمتا اللسان والقلب وكيفية شكرهما

كذلك -أيضا- نعمة اللسان، ونعمة القلب هي التي تميز بها الإنسان، تميز بها عن الحيوان، البهائم تسمع وتبصر؛ ولكن الإنسان ينطق ويعقل؛ فبذلك تميز عن غيره، فخصيصة الإنسان وتميزه بهاتين الخصلتين؛ ولذلك يقال: إن الإنسان بأصغريه: قلبه ولسانه.
فـإنمـا المـرء بأصغـريـه
ليـس بـرجليـه ولا يديـه
لسـانـه وقلبــه المـركب
في صدره وذاك خلـق عجب

تميز الإنسان بهذا اللسان، وبهذا القلب؛ لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده؛ فلم يبق إلا صورة اللحم والدم، فإذا يعرف هذه النعمة، ويعرف أن النطق نعمة عظيمة تميز بها؛ بحيث إنه يعبر عن حاجته، ويتكلم بما في قلبه، ويسأل، ويستفسر، ويستفتي، ويتكلم مع من حوله، ويدعو من يريده، وهكذا -أيضا- يعقل ما يسمع، ويفقهه ويتعقله، فيعرضه على عقله.
الكلام الذي يسمعه، يدخل في أذنيه ويصل إلى عقله، فيكون بذلك العقل واللسان هما ميزة الإنسان، فمتى يكون شاكرا لها؟ ومتى يكون كافرا لها؟
لا شك أن الذي يتكلم بالفحش، وبالكلام السيئ، يتكلم بالسب والشتم واللعن، والقذف والعيب، والثلب، يتكلم بالغيبة، والنميمة، يتكلم بالكفر، وبالسخرية، والاستهزاء بأهل الخير، أنه قد كفر هذه النعمة.
وأما الذي يتكلم بذكر الله -تعالى- وشكره، ويتكلم بالعلم الذي ينتفع به، ويتكلم بدعاء الله، وبتلاوة كتابه، ويتكلم بالنصيحة، والإرشاد والخير الذي يعلمه؛ فإنه يكون قد شكر هذه النعمة.
نقول: إن هذه نعم عامة؛ ليست خاصة بالمسلمين؛ بل إنها عامة للمسلمين وللكفار؛ ولكن يتميز المسلمون بأنهم يشكرون الله -تعالى- على هذه النعم، فيستعملونها في طاعته.