تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
محاضرة بعنوان شكر النعم (1)
5607 مشاهدة
نعمة الصحة وكيفية شكرها

من نعم الله: الصحة هذه -أيضا- تكون عامة لكثير من البلاد؛ المسلمين والكفار؛ نعمة الصحة، ونعمة القوة، تتذكرون ما ورد في الحديث: نعمتان مجحودتان: الصحة في الأبدان، والأمن في الأوطان يعني: أن كثيرا من الناس لا يتذكر هذه النعمة، ولا يعرف قدرها، لا يعرف قدرها إلا من فقدها.
فالصحة في الأبدان نعمة عظيمة وذلك لأن الإنسان إذا رزقه الله صحة في بدنه؛ فإنه بذلك يتمكن من أن يعبد ربه، ومن أن يتقلب في حاجته، ومن أن يذهب ويجيء، ومن أن يكتسب من المال ما أحله الله -تعالى- ويسافر، ويجيء ويذهب؛ كل ذلك لأجل أن الله -تعالى- رزقه هذه الصحة، وهذه القوة في بدنه، يعرف قدرها من فقدها. الإنسان إذا مرض يوما، ولزم الفراش، عرف نعمة الصحة، تمنى وسأل ربه أن يرزقه عافية في بدنه، وصحة في بدنه، وأن يرد إليه صحته، ونعمته التي هي من أعظم النعم.
فإذا. أنت أيها السليم.. أنت أيها الصحيح.. الذي رزقك الله -تعالى- هذه الصحة في بدنك، انظر إلى المرضى، إذا دخلت في المستشفيات، وما أشبهها، وجدت هذا يشتكي رأسه، وهذا يشتكي بطنه، وهذا يشتكي ظهره، وهذا مريض مرضا مقعدا، وهذا مصاب بكذا.. وكذا، وهذا قد أغمي عليه، وهذا مبرسم، وهذا به صداع، وهذا قد فقد إحساسه، وما أشبه ذلك؛ فتعرف أنك في نعمة عظيمة؛ حيث إن الله -تعالى- متعك بالقوة، متعك بالصحة، متعك بالرفاهية، متعك بهذه القوة، تقلب في حاجتك، ولا تحس مرضا، لا تحس ألما في شيء.

إذن.. فهذه من النعم، فكيف يكون شكرها؟
شكر هذه النعم: أن تستعمل بدنك في طاعة الله -تعالى- وألا تستعمله في معصية الله؛ فإن هذا من كفر النعم.
حري أن يسلب الله -تعالى- من عصاه.. حري أن يسلبه ما أعطاه، وما تفضل به عليه من هذه القوة، وهذه البنية.
فالذي يؤدي الصلوات بركوعها، وسجودها، وقيامها، وقعودها، وخشوعها، وإخباتها، قد شكر نعمة القوة.
والذي يكتسب مالا حلالا، ثم يؤدي حقوق ذلك المال، وينفق منه في وجوه الخير.. يعلم أن الله -تعالى- قواه على هذا الاكتساب؛ فيؤدي حقه، فيكون بذلك ممن شكر نعمة الله، أي- نعمة القوة. وكذلك الذي يصوم، ويصلي، ويحج، ويعتمر، ويجاهد، وينصح، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله -تعالى- ويتقلب في حاجات المسلمين، وينفع المسلمين بما يقدر عليه، يعتبر هذا ممن شكر نعم الله.
نعمة العافية، نعمة الصحة..
وضد ذلك: هو الذي كفرها؛ الذي -مثلا- يستعمل بدنه في المعصية، فالذي يكفر بالله، ويسجد لغيره، ويتمسح بالقبور والضرائح، ويدعو غير الله -سبحانه وتعالى- قد كفر نعم الله، والذي يترك الصلوات، ويترك الصيام، ويترك الصدقات التي أوجبها الله عليه، يعتبر قد كفر نعم الله، والذي يشرب الخمور، ويسمع الأغاني، ويحضر المراقص، وآلات الملاهي، وما أشبهها، يعتبر قد كفر نعم الله -تعالى- والذي يزني، أو يفجر، أو يفعل الفواحش، أو يقاتل المسلمين بغير حق، أو يسرق، أو ينتهب، أو ما أشبه ذلك، يعتبر قد كفر نعم الله. وحري بمن كفرها أن يسلبها؛ فإن النعم كما يقول بعض العلماء: النعم إذا شكرت قرت، وإذا كفرت فرت. هربت وفرت.
فهذه أمثلة من نعم الله -تعالى- العامة.