اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
محاضرة بعنوان شكر النعم (2)
15117 مشاهدة print word pdf
line-top
نعمة الخلق

ونعم الله لا تحصى؛ قال الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا أي: أنا نتقلب في نعم ربنا -سبحانه وتعالى-؛ ولكن الشأن كل الشأن في الأداء لحقوقها؛ وهو الشكر عليها. يجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم، وأن نؤدي حقوقها؛ فإن النعم إذا شُكرت استقرت، وإذا كُفرت هربت وفرت، وقد أخبرنا سبحانه أن من شكر الله؛ فإنه يثبت له الخير؛ بل ويزيده من فضله، قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ هكذا أخبر بأن من عبد الله، ومن شكره، ومن اعترف بفضله؛ فإنه سبحانه يزيده من خيره؛ ولهذا جاءت هذه الآية في موضعين: في سورة إبراهيم يقول الله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ يعني: أن كثيرا من الناس يعرفون نعمة الله ويكفرونه، ولا يؤدون حقها، وجاءت هذه الآية في سورة النحل يقول الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ وذلك بعد أن عدد الله -سبحانه وتعالى- أنواعا من النعم، منها:
نعمة الخلق في قوله: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ يعني: ذَكَّره بأنه خلقه من نطفه عندما كان في أول أمره، ثم خلق النطفة في الرحم، وتطورت تلك النطفة إلى أن أخرجه الله بشرا سويا، أخرجه رجلا كاملا، كذلك أنعم عليه بأن حنن عليه الأبوين، وكذلك أيضا يسر له أسباب الرزق فلما كان في بطن أمه كان قد فتح له بابا يتغذى منه، وهو هذا الدم الذي هو دم الطمث يدخل من سرته ويتغذى منه، ولما خرج إلى الدنيا فتح الله له بابين يتغذى منهما، وهما الثديان (ثديا والدته)، وجعل فيهما غذاء له وقوتا يتقوت به، ولما أنه فُطم عن ذلك؛ فتح الله له أربعة أبواب: طعامان، وشرابان، الطعامان: اللحم، وسائر الأطعمة يتغذى بهما، والشرابان: اللبن، وسائر الأشربة يشرب منهما، طعامان وشرابان، هذا فضله عليه.

line-bottom