تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
محاضرة بعنوان شكر النعم (2)
17013 مشاهدة print word pdf
line-top
شغل الأوقات بالعلم النافع

كذلك أيضا في أوقات فراغكم في اجتماعكم في مقر العمل أو في اجتماعكم مع أهليكم ومع إخوتكم في منازلكم، نقول: إن عليكم أيضا أن تجتهدوا في طلب العلم النافع؛ فتستغلوا أوقاتكم في الشيء الذي ينفعكم، تتعلمون وتتفقهون؛ فتقرءون في كتب التفاسير التي تعرفون بها معاني القرآن: كيف لا؟! وهو كلام الله الموجه إلينا! والذي علينا أن نتعلم ألفاظه، ونتعلم معانيه، كذلك أيضا تتعلمون أحكام السنة النبوية التي هي أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي بَيَّن بها القرآن كما أمره الله به، فنشغل بها وقتا إما أن نحفظ من الأحاديث ما تيسر، وإما أن نقرأها، ونقرأ شروحها، والاستنباط منها.
وهكذا أيضا نستغل أوقاتنا في معرفة وقراءة كتب العقيدة وكتب التوحيد التي اهتم بها علماؤنا- رحمهم الله- وأولوها عنايتهم، وهي -والحمد لله- ميسرة وسهلة التناول، تقرأ فيها، تقرأ في كتب العقائد، وتقرأ في كتب الفقه، وتقرأ في كتب التوحيد، وتقرأ في كتب الآداب، وتقرأ في الأحاديث، وتقرأ في التفاسير وما أشبه ذلك؛ وبذلك تحفظ وقتك، وهكذا أيضا تستنير؛ يصير معك نور وبصيرة، وذلك لأن الجهل عمى، يقول بعض العلماء: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ؛ الأعمى: هو الجاهل، والبصير: هو العالم، أي: ليسوا سواء بل الذي عنده بصيرة ونور؛ فإنه يكون على الحق المستقيم، وإذا لم يُقبل على العلم فإنه أعمى، وليس أعمى العينين، ولكنه أعمى القلب؛ ولذلك قال الله تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .
فاستعينوا بالله تعالى، واحفظوا أوقاتكم، واستغلوها بالشيء الذي ينفعكم، والحمد لله رب العالمين.

line-bottom