إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
محاضرة في النصرية
6637 مشاهدة print word pdf
line-top
اهتمام السلف بالأذكار

وأما بالنسبة إلى الأذكار والأوراد فإنهم -أيضا- يحرصون على كثرة ذكر الله تعالى يمتثلون ما جاءت به السنة من كثرة الذكر، فمن ذلك أن كثيرا منهم يجلسون في المسجد بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع ويصلون ركعتين، أُثر ذلك عن كثير من السلف لا يخلون بهذا.
وكذلك -أيضا- بعد العصر، من العصر إلى المغرب، وهم جلوس في المسجد يقرءون القرآن، ويذكرون الله تعالى، ويأتون بالأوراد والأذكار، ويمتثلون ما ورد من الأمر بذلك.
أمر الله نبيه بذلك في قوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا بُكرة: يعني أول النهار بعد الفجر، وأصيلا: يعني آخر النهار أي بعد العصر إلى المغرب.
فكانوا يلازمون المسجد، ماذا يفعلون؟ يسبحون، ويحمدون، ويكبرون، ويهللون؛ وذلك لأنه وردت أحاديث في فضل التهليل وعدده، والذكر وعدده، مثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت حرزا له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر .
فهذا من الترغيب في الذكر، كانوا يواظبون على هذا الذكر، ويحرصون على ألا يفوتهم شيء من هذه الأوراد؛ رغبة في الخير، ومحبة لذكر الله سبحانه وتعالى، واقتداء بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت عنه أنه كان يقول: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة وفي رواية: مائة مرة .
ويقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم .

line-bottom