إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
محاضرة في النصرية
4408 مشاهدة
أحوال السلف في قراءة القرآن

ثم نقول: لا شك -أيضا- أن أئمة السلف -رحمهم الله تعالى- يتلذذون بالقراءة، وبتلاوة كتاب الله تعالى، فذكرنا أنهم كانوا يختمون القرآن في كل سبع، وكثير منهم يختم القرآن في كل ثلاث ليال، وحُفظ عن كثير منهم أنهم كانوا يختمون القرآن في كل ليلة، وبالأخص في الأوقات الشريفة كليالي رمضان، يختمون القرآن كل يوم؛ وذلك لأنهم يتلذذون بتلاوته، بل وكثير منهم يفرحهم أن يتدبروه ويقرءوه.
ذكر عن أبي بكر بن عياش أحد القراء أنه لما حضره الموت بكت بنته، فقال: لا تبكين فإني قد ختمت القرآن في هذه الزاوية أكثر من أربعين ألف ختمة، يعني في مكان واحد أربعين ألف ختمة في مكان واحد، يبشرها بأن الله تعالى لا يعذبه، وقد عمل له هذا العمل، هذا دليل -أيضا- على اهتمامهم بقراءة القرآن وبالذكر.