محاضرة واجب المسلم نحو أسرته
النفقة على الأبناء
كذلك أيضا بالنسبة إلى أولاده عليه -أيضا- أن ينفق عليهم النفقة المعتادة، على حسب عسره أو يسره، ولا يجوز له حبس النفقة عنهم، جاء في الحديث: رسم> كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمون متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يمون قوته متن_ح> رسم> الذين يقوتهم ويمونهم أولاده، وكذلك أحفاده، أولاد أولاده يحتاجون، وكذلك أبواه، وزوجاته، وإخوته الذين هم بحاجة إليه، فلا يجوز له أن يحبس عنهم قوتهم إذا كان قادرا، فهو مسئول عنهم ولا يضرهم.
لا شك أنه يبدأ بنفسه، ثم بعد ذلك بالأقرب فالأقرب، والأحق فالأحق، جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: رسم> ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فعلى زوجتك، فإن فضل شيء فعلى أولادك رسم> إلى آخره، وقال: رسم> إن الزوجة تقول: أنفق علي وإلا طلقني. والولد يقول: إلى من تكلني؟! والمولى أو الرقيق يقول: أنفق علي واستخدمني رسم> .
فكلهم أنت مسئول عن النفقة عليهم، وهكذا حاجاتهم الدنيوية، الكسوة التي تناسبهم، والسكنى التي تصلح لهم، والتي يكونون من أهلها، هذا من واجبهم.
ثم إن الناس في هذا طرفان، ووسط.
فهناك من يسرفون -من يسرفون في النفقة- على أولادهم، وعلى زوجاتهم، فيفسدون كثيرا من الأموال، يفسدونها بحيث إنهم يشترون من الأطعمة ما لا يحتاجون إليه، وكذلك يشترون أشياء، ثم بعد مدة يرمون بها في القمامات إذا مضى عليها وقت قصير.
وكذلك أيضا إذا أصلحوا الأطعمة أكثروا منها، أكلوا شيئا يسيرا، ثم أفسدوا الباقي. ولا شك أن هذا خطأ، وأنه من الإسراف الذي نهى الله –تعالى- عنه.
وكذلك الطرف الثاني الذي هو التقتير والتقليل؛ بحيث إنه يقلل عليهم، فيكون قد أنعم الله عليه، ووسع عليه؛ ومع ذلك يقتر على أهل بيته، فلا يعطيهم إلا الشيء القليل، ربما أنه يعوزهم إلى أنهم يتكففون الناس، أو يسألون أقاربهم ما يكمل قوتهم، وربما يبيت بعضهم جياعا لا يجدون ما يعطيهم؛ مع أن والدهم عنده قدرة، وعنده ثروة. لا شك أن هذا خطأ.
وأن الوسط هو الواجب؛ ولذلك قال الله تعالى: رسم> وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا قرآن> رسم> إذا أنفقوا على أنفسهم، وكذلك إذا أنفقوا على أهليهم، أو على أضيافهم، أو نحو ذلك لم يسرفوا ويفسدوا الأطعمة، ويفسدوا المأكولات، ولم يقتروا: يقصروا، ويخلوا ببعض ما يجب، ويجيعوا أنفسهم وأهليهم، رسم> وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا قرآن> رسم> القوام: هو الوسط –يعني- خير الأمور أوساطها.
وهكذا أيضا بالنسبة للكسوة، فبعضهم يمنع أولاده، وزوجاته، ونحوهم، فلا يعطيهم الكسوة إلا رخيصة دنيئة، أو خلقة، أو نحو ذلك؛ مع قدرته على أن يعطيهم، وعلى أن يكسوهم الكسوة الملائمة، فيعتبر بذلك مقصرا ومخلا.
وآخر يسرف، أو يعطي زوجته ما طلبت، فربما تشتري كسوة بألف، أو بألفين، أو بخمسة ألاف -كما ذكر ذلك كثيرون- وربما أنها تشتري كل شهر، أو كل شهرين، أو في كل مناسبة، ثم تتراكم عندها تلك الأكسية، فربما يكون عندها عشرون ثوبا، أو أربعون، أو نحو ذلك.
فهؤلاء أسرفوا وهؤلاء قتروا وخير الأمور أوساطها.
فهذا بعض من الواجبات الدنيوية التي هي من حق المسلم، من حقهم على ولي أمرهم، والذي يكون مسئولا عنهم، وإن كان هذا بالطبع معمول به، بمعنى: أنهم يعملون بالنفقة، والإنسان يجمع المال، ويقول: أنفقه على نفسي وعلى أهلي؛ ولكن الكثير منهم قد يغلبه البخل؛ فيمسك المال، ويقتر على من هو مسئول عنهم.
وآخرون يكون الله –تعالى- قد أنعم عليهم، وأعطاهم سعة من المال؛ ومع ذلك يبخلون بالصدقات، ويبخلون بالنفقة في وجوه الخير؛ ولكنهم -مع ذلك- يسرفون، يسرفون على أنفسهم في النفقات، فنقول: إن هؤلاء على خطأ، وإنهم يقتصدون في النفقة على أنفسهم وعلى أهليهم، وما فضل عندهم من المال، أو كان عندهم من الزيادة فإنهم يتصدقون به، وسوف يجدون فقراء ومعوزين كثيرا هم بحاجة إلى التوسعة، وبحاجة إلى الصدقة، أو يجدون وجوها يستحق أن ينفق فيها من وجوه البر والخير. ننتهي من هذا القسم.
مسألة>