الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
محرمات متمكنة في الأمة
20253 مشاهدة
مجالسة الصالحين

رابعا: مجالسة الصالحين ومن أسباب الحماية مجالسة الصالحين وأهل الخير الذين يذكرون الإنسان إذا غفل، ويعينونه إذا ذكر، ويدعونه، إلى الخير ويحذرونه من الشر.
ولكن من هم الصالحون؟!
الصالحون هم أولئك الذين أصلحوا أعمالهم، وأصلحوا أقوالهم، واستقامت أحوالهم.
وهم الذين عرفوا الله حق المعرفة.
وهم الذين يدعون إلى الخير وينهون عن الشر.
وهم الذين التزموا أوامر الله واجتنبوا نواهيه.
وهم ... وهم ... وهم ... إلخ.
هؤلاء هم الصالحون، أما غيرهم فهم أهل الشر والفساد.
وإن من تمام مجالسة الصالحين اجتناب أهل المعاصي والبعد عنهم، فإن من جالس الصالحين اجتنب أهل الشر والفساد، ومن جالس أهل الخير هجر أهل الشر وابتعد عنهم.
أما أولئك الذين لا يجالسون الصالحين ويصدون عنهم، فكثيرا ما يجتذبهم أهل الفساد ويدعونهم إلى ما يفعلونه، فيزينون لهم ما هم فيه، فلا يأمن أن يقعوا فيما وقعوا فيه.

أيها الإخوة، إن الأشرار ولو اعترفوا بأنهم على الشر، فإنهم يتمنون أن يكون الناس مثلهم حتى لا ينفردوا بالشر وحدهم، فصاحب الدخان لا يعترف بأنه على باطل، ولذلك تجده يزين لكل من رآه ولكل من جالسه أنه على حق، وأن هذا الدخان لا مانع منه، ولا بأس به، حتى يوقع فيه هذا وذاك، فإن شربوه مرة ومرتين وتعودوا عليه، صعب عليهم بعد ذلك التخلص منه، ثم تجدهم يعيبون من ترك الدخان ويقولون إنه بخيل متزمت ومتشدد ونحو ذلك من الألفاظ.
وهكذا فإن هؤلاء المفسدين الأشرار يعيبون أهل الدين ويعيبون أهل الصلاة وأهل ترك المحرمات بهذه العيوب التي يلصقونها بهم.
وهذه سنة الله تعالى أن كل عاص يدعو إلى معصيته، ولو اعترف بأنه على باطل، ولكن لا بد إذا كان متمكنا في هذه المعصية أن يزين حالته ويبين للناس أنه ليس على باطل حتى يفعلوا مثل ما فعل.
فعلى المسلم أن يجتنب أهل السوء ومجالسهم فإنه لا يسلم إلا إذا اجتنبهم وابتعد عنهم، أما من كان معه قدرة على مقاومتهم، وإقناعهم ونصحهم، والرد عليهم وإبطال شبهاتهم، فإنه واجب عليه أن يفعل ذلك، ولا بأس أن يجالسهم في هذه الحالة حتى يرد عليهم، فإذا رأى أنهم تمادوا واستمروا في غيهم ولم تؤثر فيهم كلماته ومواعظه ونصحه فالنجاة النجاة، والبعد البعد، فهو أولى وأسلم.
أيها الإخوة، هذه توجيهات في السلامة من هذه المحرمات، وهي على سبيل المثال، وأسباب التحصن والحماية كثيرة وفي الإشارة كفاية، واللبيب تكفيه الإشارة، والإنسان الذي معه فكر وعقل يعلم كيف الطريق إلى السلامة من بقية المحرمات لاجتنابها والحذر من مقاربتها.
نسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من المعاصي ما ظهر منها وما بطن، وأن يبصرهم بأنفسهم حتى يجتنبوها، وأن يحمي مجتمعات المسلمين من العصاة والمفسدين.
ونسأله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين، ويمكن لهم الدين، ونسأله أن يصلح أئمة المسلمين وولاة أمورهم، وأن يجعلهم هداة مهتدين، يقولون بالحق وبه يعدلون.
ونسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويصلح أحوال المسلمين، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.