اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
من كتاب المواهب الجلية في المسائل الفقهية للشيخ عبد الرحمن السعدي
13489 مشاهدة
حكم صلاة الجمعة والعيدين للأجراء والعمال

...............................................................................


فمثلا المستخدَمون الآن والأُجراء والعمال لا يجوز للذي استأجرهم أن يمنعهم من صلاة الجماعة، ولا من أداء سننها، ولا يمنعهم من الصيام، ويقول: إن الصيام يُضعفهم.
وكذلك سائر الموظفين والعمال ونحوهم لا يجوز أن يُمنعوا من صلاة الجماعة ولا الجمعة، ولا العبادات البدنية، ولو كانت تُضعف قوتهم؛ فإنها حق الله، وحق الله مُقدم على حق كل أحد من المخلوقين.
فتعليل الفقهاء أنها لا تجب على العبيد؛ سبب ذلك ما ذكرنا من أن العبد إذا ذهب إلى الجمعة، أو إلى العيد فقد يفوت على سيده زمان؛ إذا كان مثلا يرعى ماشية تضيع هذه الماشية نصف النهار، وإذا كان يسقي حرثًا ويشتغل فيه فات عليه نصف نهار وهو لا يشتغل في هذا الحرث، وإذا كان يشتغل في تجارة -في تجارة سيده- فكذلك أيضا يفوت عليه نصف نهار أو نحو ذلك؛ فهذا هو السبب.
ولكن لا بد أنه يتحمل ذلك السيد وكذلك الكفيل، ونحوه الذي يستخدم بعض العمال، يتحمل أنه يُرخِّص لهم؛ يرخص لهم في صلاة الجمعة، إذا كان مثلا عملهم دائما؛ كالعمال الذين يشتغلون في التجارة في المتاجر وفي الدكاكين ونحوها، يشتغلون أيام الجمعة وأيام الأعياد؛ عليه أن يُرخِّص لهم إذا كانوا مسلمين في أداء صلاة الجمعة، كما يلزمه إذا دخل وقت صلاة الفريضة أن لا يشغلهم في وقت الفريضة، بل يُفرِّغهم حتى يؤدوا الصلاة مع الجماعة، ولو فات عليه نصف ساعة أو نحوها في صلاة الجماعة فحق الله مُقدم، فالأصل أن الحر والمملوك على حد سواء في جميع العبادات البدنية التي لا تعلق لها بالمال.