عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح الورقات
34283 مشاهدة
تعريف العام وبيان ألفاظه

والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط، ويجوز أن يتقدم عن المشروط، والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع، وأطلقت في بعض المواضع، فيحمل المطلق على المقيد، ويجوز تخصيص الكتاب بالكتاب، وتخصيص الكتاب بالسنة، وتخصيص السنة بالكتاب، وتخصيص السنة بالسنة، وتخصيص النطق بالقياس، ونعني بالنطق: قول الله -سبحانه وتعالى- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-.


هذا من مباحث الأصول العام والخاص.
عرف العام بأنه: ما يعم شيئين فصاعدا؛ وأنه من قولهم: عممت زيداً وعمراً بالعطاء، عممت جميع الناس بالعطايا، اللفظ الذي يعم أكثر من واحد، ثم ذكر ألفاظه أربعة:
الاسم الواحد المعرف بالألف واللام مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ الناس معرف بالألف واللام؛ فيدخل فيه كل من كان من مسمى الناس، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ هذا لفظ عام.
واسم الجمع المعرف باللام، اسم الجمع يعني: كلمة الناس جمع إنسان، والإنسان مفرد ولكنه معرف بالألف واللام، فقول الله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى الإنسان لفظ عام يعني: أن من صفته كذا وكذا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ لفظ عام؛ فالإنسان اسم واحد معرف بالألف واللام، والناس اسم للجمع معرف بالألف واللام، وكذلك الصفات في قوله: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هذا أيضا صفة ولكنها جمع معرف بالألف واللام؛ فيعم جميع من يدخل في اسم مسلم مؤمن وهكذا.
الثالث: الأسماء المبهمة. الاسم المبهم من فيمن يعقل، وما فيما لا يعقل، من في قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا هذا عام؛ لأن من تعم كل من يعقل، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ هذا من ألفاظ العموم، كل من عمل فإنه يستحق أن الله –تعالى- يجازيه بالحياة الطيبة.
ما فيما لا يعقل قول الله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يدخل في ذلك الحجارة والجبال والشجر والدواب وما أشبه ذلك فدل على أن الجميع يسجدون.
ما فيما لا يعقل، وأي في الجميع إذا جيء بـأيها، يا أيها، يا أيها الإنسان هنا الإنسان مفرد؛ ولكن عمم بأيها، وكذلك إذا جاءت أي مفردة –مثل- أي رجل دخل فأكرمه يدل على العموم كل رجل أي رجل.
وأين في المكان؛ إذا قلت –مثلا- أين ما وجدت أحدا فأطعمه، أينما وجدته في المسجد أو في الخارج، أو في الداخل أو في الأسواق أو ما أشبه ذلك، هذا من ألفاظ العموم. أين في المكان.
ومتى في الزمان. أي: في الوقت. إذا قلت –مثلا- متى وجدت مسلما فأكرمه، متى وجدته ليلا أو نهارا أو ضحى أو مساء أو ما أشبه ذلك.
ما في الاستفهام. الاستفهام الذي هو: السؤال عن شيء. فإنك تقول –مثلا- ما هي؟ أو ماذا تريد؟ أو ماذا تعمل؟ أو ما أنت عامل؟ فإن الله يجزيك عليه، وكذلك في الجزاء: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ يعم جميع الخير يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ هذا في الجزاء، ما عملت.
ولا في النكرات. أيضا إذا قلت –مثلا- لا رجل في الدار. يعم جميع الرجال، أو لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ يعم النجوى، إلا ما استثني وأشباه ذلك.
العموم من صفات النطق يعني: من صفات الكلام العموم، ولا تجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه، يعني: أن الأفعال قد لا تحمل على العموم بخلاف الألفاظ فالأصل فيها العموم، الأصل أن الألفاظ تكون للعموم يعني: الكلمات كما مثل، وأما الأفعال فإذا-رأينا أو- رؤي لنا فعل فإننا نقول: يمكن أن يكون خاصا ويمكن أن يكون عاما؛ ولذلك يقدم القول على الفعل مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا فإن هذا لفظ عام يعم جميع الحالات؛ يعم جميع حالات الإنسان إذا أراد التخلي.
أما الفعل كفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه استدبرها لما كان يقضي حاجته فإن ذلك دليل على أن هذا من المستثنى؛ فيكون العموم في القول لا في الفعل، لا تجوز دعوى العموم في غير النطق من الأفعال وما يجري مجراها.