اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
38033 مشاهدة
الجواب الشرعي لفرية أن عيسى ثالث ثلاثة

[س 25]: يقول الله تعالى في محكم التنزيل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ يقول بعض النصارى: إن هذه الآية تؤيد ما نعتقد به؛ وهو أن عيسى ثالث ثلاثة (الأب- الابن- الروح القدس)، فما الجواب الشرعي- سدد الله خطاكم- عن هذه الفرية؟
الجواب هذا قول باطل لا تدل عليه الآية، ولا يشير إليه ظاهرها، فإن الله تعالى سماه في هذه الآية، ثم أبدل من هذا الاسم اسمه العلم وهو عيسى ثم نسبه إلى أمه مريم كما ينسب غيره إلى أبيه، ثم وصفه بأنه رسول الله، أي مرسل من ربه إلى بني إسرائيل، ثم عطف عليه وصفه بأنه كلمة الله أي خلقه بقوله (كن)، كما خلق بهذه الكلمة آدم بدون أب ولا أم، ثم وصفه بأنه روح من الأرواح التي خلق الله تعالى.
ففي الآية ثلاثة أسماء وثلاث صفات له -عليه السلام- فتسمية عيسى بابن مريم يبطل قولهم بأنه ابن الله، فقد نسب إلى أمه مريم، ثم وصفه بأنه رسول الله، أي مرسل منه كسائر الرسل الذين حمَّلهم شريعته، وبعثهم إلى خلقه للدعوة إلى عبادة الله تعالى، ثم ذكر أنه كلمة الله التي بعث بها الملك، فنفخ في جيب درعها، فوصلت النفخة إلى رحمها فعلقت به، ثم ذكر أنه روح منه، وهذه إضافة تشريف، أي كبيت الله وناقة الله، فهو روح من خلق الله تعالى، وأما روح القدس الذي قال الله تعالى عنه: وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فالمراد به جبريل -عليه السلام- وهو ملك الوحي الذي ينزل على الأنبياء وهو مخلوق لله تعالى كسائر الملائكة، والله أعلم.