القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
110461 مشاهدة
فضل التحلي بآداب الحج

آداب الحج .. لقاء صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن الجبرين فليتفضل مشكورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. نحمد الله ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونسأله أن يوزعنا شكر نعمه وأن يدفع عنا نقمه، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.
نعرف أنكم سمعتم خيرا كثيرا منذ ابتدأت هذه السلسة في هذا المسجد الشريف، وأنكم قد تزودتم خيرا، وقد علمتم الكثير من أركان الحج ومن واجباته ومن صفته، ومما يتعلق به.
نقول: إن آداب الحج هي الصفات والأخلاق التي يتأدب بها من يريد أداء هذا النسك، ومن يعزم عليه. ولا شك أنها آداب شريفة متى تأدب بها رجي أن يقبل حجه، وأن يترتب عليه الأجر والجزاء الذي ورد فيه.
فقبل أن نبدأ في آدابه، نذكر ما يحصل عليه من أتى بهذه الآداب. وهي الأدلة على فضله، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة .
والمتابعة بينهما هي الموالاة بأن يحج ثم يعتمر، ويحج ويعتمر؛ يعني يواصل بينهما ولا يمل من ذلك ولا يكل ولا يثقله تكرار ذلك، هذا من الموالاة والمتابعة بين الحج والعمرة.
أخبر بفائدتهما، هذه الفائدة قوله: ينفيان الفقر والذنوب. متى يحصل على هذا الأجر؟ إذا أتى بالحج كاملا بآدابه وبسننه.
كذلك أيضا الحديث الثاني، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ما أعظمه من ثواب إذا حصل على الحج المبرور؛ بأن يكون متأدبا بآدابه، أخبر بأنه جزاؤه الجنة. وهي أعظم مطلب وأعظم مقصد، ومن حصل على الثواب بالجنة فقد حصل على أعظم مطلوب.
وكذلك قوله-صلى الله عليه وسلم- من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه هذه أدلة على فضل الحج.
ثم نقول: إن آداب الحج هي الأخلاق التي يتأدب بها من أراده؛ من أراد أن يؤدي هذا الحج.
فمن آدابه: ما يتعلق بالقلب، ومنها ما يتعلق بالبدن، ومنها ما يتعلق بالمال، ومنها ما يتعلق بالأخلاق.