إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
110231 مشاهدة
السلف واستشعارهم لذة العبادة

ذكر أن بعض السلف أنه قال: إنه ليمر بالقلب أوقات
يرقص فيها طربا. أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب. يعني: أنهم من آثار الطاعة، ومن آثار العبادة يجدون لذة وسرورا، يتلذذون بالعبادات ولو كان فيها مشقة على النفس؛ ولكن يجدون لها راحة أيما راحة، وهكذا يكون الصالحون.
ذكر عن بعض السلف عن إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- أنه كان طعامه كسر خبز يابس، يشرب عليها ماء قد يكون ماء أجاجا، أو ماء متغيرا هذا هو طعامه. ومع ذلك يقول: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف، يعني: ما هم فيه من اللذة، لذة الإيمان، ولذة الأعمال الصالحة، ولذة الطمأنينة، وراحة القلوب، وما أشبه ذلك.
فنجرب أنفسنا هل نحن بإيماننا وبأعمالنا الصالحة نجد هذه الراحة، ونجد هذه الطمأنينة والسعادة؟ السعادة العاجلة، فإن هذه بشرى المؤمن؛ حيث وجد أثر هذه العبادة والطاعة أثرا ظاهرا.
لا شك أن هذا من علامة السعادة والخير. فأهل الطاعة، وأهل العبادة يتلذذون بعباداتهم فأسفارهم مثلا إلى هذه البقاع الطيبة يرتبطون بها. إذا وفقهم الله، ولو تكلفوا، ولو قطعوا المسافات، ولو تجشموا المشقات؛ ولكن تهون عليهم الصعاب، وتهون عليهم المشقات؛ وذلك لأنها في عمل يحبه الله تعالى، ويثيبهم عليه فيهون عليهم ما يلاقونه.
لقد كانوا فيما ذُكِرَ يغيب أحدهم لأجل سفر الحج سنة، أو ربما سنتين، أو أكثر حتى يصل إلى هذه البقاع، ويؤدى فيها النسك. ثم يرجع مسيرة سنة أخرى أو نحوها. هذا في الزمان القديم. يأتون ربما يمشون على أرجلهم، وربما يركبون على السفن التي تخوض البحر. أحيانا تبقى السفينة في البحر شهرا، أو أكثر من شهر أو شهرين السفن القديمة. وكذلك يركبون حمرا، أو يركبون دواب من الإبل. ويبقون مدة طويلة من أطراف البلاد حتى يصلوا إلى هذه البقاع يهزهم الشوق إلى هذه المشاعر، وإلى هذه المناسك وذلك لأنها قبلتهم. لما كانت قبلتهم كانت نفوسهم تنجذب إليها، ولما كان حجها، أو أداء هذه المناسك والمشاعر والعبادات فيها من شعائر الإسلام، ومن أسباب طاعة الله تعالى، ومن علامات السعادة كانت لذيذة عندهم.
يقطعون لها المسافة، ويصبرون على المشقات، فإذا وصلوا إليها اغتبطوا، ونسوا ما كان عليهم من الصعوبات. نسوا تلك المشقات التي لاقوها، سهر الليل، ومشي النهار، وضربة الشمس، والجوع والظمأ والجهد والتعب الشديد، ومواصلة المسير، لا شك أن هذه كلها هانت عندهم. لماذا؟ لأنهم ظفروا بمقصدهم ظفروا بهذه العبادة التي هذا موسمها، والتي هذا مكانها.