إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
110359 مشاهدة
لباس الحج والحكمة من تشريعه

ثم تجرُّد المحرم من لباسه المعتاد، ولباسه لهذا اللباس -الذي هو لباس خاص- لا شك أن الحكمة فيه، الحكمة أن يستشعر بأنه في عبادة، كل من رآه وهو على هذا اللباس عرف أنه محرم، وكل من رآه هنأه بهذا اللباس، وقال: هذا محرم فعليكم أن تعرفوه. فيعرف بهذه الهيئة وهذه اللبسة.
ومن الحكمة في ذلك أن يكون الناس كلهم على لباس واحد، كل المحرمين حجاجا أو عمارا يكونون على لباس واحد، يستوون في ذلك، فلا فرق بين أمير وخادم، ولا فرق بين ملك ومملوك، ولا فرق بين غني وفقير، وهذه التسوية لا شك أن الحكمة فيها أن يعرفوا ويعترفوا أنهم جميعا خلق الله، وأنهم عبيده، وأنهم ملكه -سبحانه وتعالى- وأنه لا فضل لأحدهم على آخر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ؛ فيتواضعون لربهم، ويخضعون له ويخشعون.
كذلك أيضا يعرفون أن هذه اللبسة شبيهة بلبسة الموتى، شبيهة بأكفان الميت، الميت إذا خرج من الدنيا يلف في مثل هذا اللباس، يلف في ثوبين أو ثلاثة أثواب، يدرج فيها إدراجا، فيتذكر الذي يلبس هذا اللباس يتذكر أن هذا شبيه بلباسه إذا خرج من الدنيا، فيحمله ذلك على أن يتأهب، ويأخذ الأهبة، ويستعد للرحيل، يستعد للموت ولما بعد الموت.
كذلك أيضا في هذا اللباس حكمة عظيمة، وهي أن يشعر بأنه ولو ملك ما يملك من الدنيا فإن ذلك كله زائل وذاهب عنه، وأنه لا يبقى معه إلا عمله، وإنما لبس هذا لأجل أن يستر بدنه، لا شك أن هذا من حكم الله تعالى الحكم العظيمة التي بينها وأخبر بأهميتها، والتي شرعها لأجل أن يتأهب العباد ويعرفوا.