شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
اللقاء المفتوح
8581 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل عشر ذي الحجة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أَجْمَعِين. وبَعْدُ:
فَإِنَّ مِنْ نِعَمِ الله تعالى على المسلم أن يَمُدَّ في أجله؛ حتى يُدْرِكَ أوقات الفضائل والمناسبات التي لها فضل كبير، وثواب عظيم.
ومن ذلك هذه الأيام التي هي أيام عَشْرِ ذي الْحِجَّة؛ فإنها من أفضل الأوقات، وأكثرها أَجْرًا ومضاعفة للثواب. جَاءَ في الحديث الذي في الصحيح قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من هذه الأيام -يعني: أيامَ العشر- قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجِعْ من ذلك بشيء عَلِمَ الصحابة رضي الله عنهم أفضلية الجهاد في سبيل الله ؛ يعني: المجاهد يفارق أهله، ويأخذ ماله، ويغيب عن بلاده، ويتعرض للقتل، ويكون قصده نصر الدين، ونصر الإسلام، ومع ذلك صار هذا العمل في هذه الأيام يفضُل الجهاد، إلا هذا النوع الوحيد من الجهاد.
وإذا عرفنا فضله -فضل العمل- فإننا نبحث ما هو العمل؟ ما المراد بالعمل الذي يُضَاعَفُ ويَكْثُرُ أَجْرُه في هذه الأيام؟
العمل كل الأعمال الصالحة؛ فنذكر أمثلة لبعضها:
الأعمال إما بالقول وإما بالعمل بالبدن. الأعمال القولية: ذِكْرُ الله؛ فإن الله تعالى ندب إلى ذكره وأمر بكثرة ذكره في قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وفي قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وفي قوله تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وغير ذلك من الأدلة.
ولا شَكَّ أن ذِكْر الله تعالى هو كل شيء يُذَكِّرُ بعظمته أو كل ما يذكِّر بجلاله وبكبريائه وبعظمته؛ ولكن نقول: إن أفضل ذلك هو الذِّكْرُ باللسان الذي يَقْتَرِنُ مع القلب؛ مع الذكر بالقلب.
فَذِكْرُ الله تعالى باللسان يدخل فيه التكبير، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والاستغفار، ونحو ذلك، وقد أمر الله تعالى بِذِكْرِهِ في هذه الأيام خاصة؛ فقال الله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الأيام المعلومات هي هذه الأيام الْعَشْرُ؛ أولها اليوم الأول من هذا الشهر، وآخرها يوم النَّحْرِ. هذه هي الأيام المعلومات؛ كأنها كانت معلومة عندهم، ومعروف فضلها؛ فلذلك أمر الله بذكره فيها.
وكذلك أمر بِذِكْرِهِ في الثلاثة الأيام التي بعدها، والتي هي أيام منى وأيام التشريق؛ أمر الله تعالى بِذِكْرِهِ وبتكبيره؛ قال الله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ يعني: أيام التشريق، وقال تعالى لِلْحُجَّاج: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ثم قال: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا كان أهلُ الجاهلية إذا فرغوا من المناسك يجتمعون في أسواق هناك، وهي أسواق مجنة وعكاظ وذو المجاز أسواقٌ قرب مكة فكانوا يتناشدون الأشعار، ويفخرون بآبائهم وأجدادهم وأسلافهم؛ فَجَعَلَ الله بدل ذلك كثرة الذكر الذي يُذَكِّرُ بعظمة الخالق سبحانه.
ومِنْ ذلك التكبير قال الله تعالى: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ من هذه الآية أخذوا التكبير في هذه الأيام، وقالوا: إنه يَتَأَكَّدُ عند رؤية بهيمة الأنعام التي سَخَّرَهَا لنا: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ يعني: ذَلَّلَهَا حتى صارت تحت طواعيتكم، فإذا رأى بهيمة الأنعام تأكد عليه التكبير: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ثم ذكر العلماء أنَّ التكبير في هذه الأيام ينقسم إلى قسمين: تكبير مُطْلَق، وتكبير مُقَيَّد؛ فالتكبير المطلق: هو الذي يكون في هذه الأيام؛ يبدأ من أول العشر، وينتهي بصلاة عيد النحر؛ هذا من ذكر الله، وهذا من تعظيمه سبحانه، والله تعالى يُحِبُّ مَنْ ذكره؛ سواء جَهْرًا أو سِرًّا ؛ في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: مَنْ ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومَنْ ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خير منهم وأمر الله تعالى نَبِيَّهُ بِذِكْرِهِ في نفسه؛ قال الله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ الناس في غفلة في هذه الأيام عن هذا الذِّكْرِ.
لقد كان آباؤنا وأجدادنا الذين أدركناهم إذا دخلت هذه العشر اجتهدوا في رفع الصوت بهذا التكبير؛ فإذا دخلتَ السوق وإذا أنتَ تسمع التكبير من هنا، ومن هنا، ومن كل الجهات؛ يكبرون الله تعالى؛ عَمَلًا بهذه الآيات: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ واستدلوا بما ذكره البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله؛ عَلَّقَهُ بقوله: كان يذكر الله على كل أحيانه ذكره مُعَلَّقًا، وذكره مسلم موصولًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه وذُكِرَ عن أبي هريرة وابن عمر أنهما كانا يدخلان الأسواق في أيام الْعَشْرِ؛ فيكبران، ويُكَبِّر الناس بتكبيرهما، وعملت بذلك الأمة في البلاد الإسلامية؛ إذا دخلت السوق وإذا أنت تسمع: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
ينبغي لنا؛ يتأكد علينا أن نُحْيِي هذه السنة؛ إذا دخلت الأسواق، والناس في غفلتهم؛ فعليك أن ترفع صوتك بالتكبير، ولو استنكروا ذلك، ولو أنكروا عليك، ولو نظروا إليك نظر استغراب؛ حَدَّقُوا إليك شذرا؛ فإن هذا.. فإنه من إحياء السنة.
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه والله تعالى أمرنا بكثرة الذكر ؛ فإن علينا أن نجهر بذلك؛ سيما إذا رأينا الناس في غفلة. جاء في حديثٍ: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل بين الفارِّين إذا كان الناس في غفلة، وذكرت الله ورفعت الصوت أمامهم؛ فكأنك نبهتهم؛ فهذا كالمقاتل بين الفارين، المنهزمين؛ الْمُوَلِّين الأدبار؛ الذي يصبر ويقاتل. فأحْيُوا سُنَّة نبيكم، وأحيوا ما أمركم الله تعالى به في كل الأوقات.
إذا دخلت بيتك فَكَبِّرْ، وإذا جلست وحدك في منزلك فَكَبِّرْ، ولا يشغلك عن التكبير أية عمل، وإذا كنت في مجلس مع جماعة فَكَبِّرْ، وإذا ركبت سيارتك فَكَبِّرْ، وإذا مشيت في الطريق فَكَبِّرْ، وإذا جلست في مكان فَكَبِّرْ، وإذا دخلت المسجد فَكَبِّرْ، فهذه هي السنة في هذا التكبير.
وأما التكبير الْمُقَيَّدُ فإنه يبدأ من صبح يوم عرفة الذي هو اليوم التاسع من هذا الشهر يوم الخميس، بعد صلاة الصبح يُكَبِّرُون تكبيرا مقيدا، ويستمر التكبير يوم الخميس، ويوم الجمعة، والسبت، والأحد، والاثنين أي: خمسة أيام؛ يوم عرفة ويوم العيد وأيام التشريق.
بعد كل صلاة تُصَلَّى في جماعة يكبر الإمام ويرفع صوته ويكبرون خلفه؛ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
يكبرون كلهم مرتين، أو ثلاثا؛ ليكونوا من: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا في يوم عرفة يجتمع التكبيران الْمُطْلَقُ والْمُقَيَّدُ، وأما يوم العيد والثلاثة بعده فإن فيها التكبير المقيد؛ فهذا من العمل في هذه الأيام.

line-bottom