خواطر رمضانية
شرعية العيد بعد رمضان
يعتقد كثير من الناس أن شرعية العيد بعد رمضان عبارة عن الفرح بخروجه والتخلص منه، رأس> لأنه يحول بينهم وبين ملذاتهم ومشتهياتهم، ويفطمهم عن عاداتهم النفسية التي مرنت عليها نفوسهم، واعتادتها أهواؤهم طوال العام، فهم يعتبرونه شهر حبس وحيلولة بينهم وبين ما يشتهون، وقد يستشهد بعضهم بقوله تعالى: رسم> وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قرآن> رسم> .
قال ابن رجب اسم> في لطائف المعارف في الكلام على النهي عن صوم آخر شعبان قال : ولربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام؛ ولهذا يقولون: هي أيام توديع للأكل، وتسمى تنحيسًا، واشتقاقه من الأيام النحسات.. وذكر أن أصل ذلك من النصارى؛ فإنهم يفعلونه عند قرب صيامهم ، وهذا كله خطأ وجهل ممن ظنه، ولربما لم يقتصر كثير منهم على الشهوات المباحة، بل يتعدى إلى المحرمات، وهذا هو الخسران المبين ، وأنشد لبعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولّت | فبادر بالشراب إلى النـــهارِ |
ولا تشـرب بأقداحٍ صغــارٍ | فإن الوقتَ ضـاق على الصغارِ |
وقال آخر:
جاء شعبان منذرُا بالصيام | فاسقياني راحًا بماء الغمامِ |
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر | ولا صمت شهـرا بعده آخــر الدهــر |
فلو كان يعديني الأنام بقــــدرة | علـى الشهر لاستعديت جهدي على الشهر |
وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه، فكثير منهم لا يصلون إلا في رمضان، ولا يجتنب كبائر الذنوب إلا فيه، فيشق على نفسه مفارقتها لمألوفها، فهو يعد الأيام والليالي ليعود إلى المعصية، ومنهم من لا يقوى على الصبر عن المعاصي فهو يواقعها في رمضان أ.هـ. هكذا ذكر ابن رجب اسم> رحمه الله عن أهل زمانه ومن قبلهم.
ولا شك أن الدين يزداد غربة والأمر في شدة، والكثير من هؤلاء الذين يتوقفون ظاهرا عن مألوفاتهم يفرحون بانقضاء الشهر وانصرافه، فالعيد عندهم يوم فرحتهم برجوعهم إلى دنياهم وملاهيهم ومكاسبهم المحرمة أو المكروهة، فأين هؤلاء ممن يحزنون ويستاؤن لانقضاء الشهر؟! ، بل من الذين يجعلون السنة كلها صياما وقياما وعبادات وقربات، ويحمون أنفسهم عن جميع الملذات فضلا عن المحرمات ؟!! فالله يرحمهم فما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل:
نزلوا بمكة في قبائل هاشم | ونزلت بالبيداء أبعد منزل |
مسألة>