إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
خواطر رمضانية
12564 مشاهدة
الصوم ينهى عن فعل المحرمات

فإن الله - تعالى - قد نهى الصائم عن الأكل والشرب والوقاع في نهار رمضان ، وجعل ذلك مفسدًا للصوم، فيتأكد على المسلم أيضًا أن يترك المحرمات في نهار صومه وفي ليالي شهره ويجب عليه أن يتأثر بعد الشهر بما أفاده هذا الصوم؛ وذلك لأن الله الذي حرّم عليك في نهار رمضان أن تأكل وأن تشرب؛ مع كون الأكل والشرب من الشهوات النفسية التي تتناولها النفس بطبعها والتي تعيش عليها وتموت بفقدها، فإن الله تعالى حرم عليك محرمات أخرى هي أشد إثما وأشد ضررا وليست بضرورية كضرورة الطعام والشراب، وقد ورد في ذلك كثير من الآثار نذكر بعضها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب ولا يفسق، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤٌ صائم .
والصخب هو: رفع الصوت بالكلام السيئ ، والرفث: هو الكلام في العورات، والكلام فيما يتعلق بالنساء ونحو ذلك ، أما الفسوق : فهو الكلام السيئ الذي فيه عصيان وفيه استهزاء وسخرية بشيء من الدين أو من الشريعة، ونحو ذلك.

فالصوم ينهى صاحبه عن هذه الأشياء ، وكأنه يقول: إن صيامي ينهاني عن هذا الصخب -فإن الصوم ينهى عن المأثم، ينهى عن الحرام - فيقول الصائم بلسان الحال: كيف أترك الطعام والشراب -الذي هو حلال- وآتي بما هو محرم في كل الأوقات؟‍
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه .
فالله تعالى ما كلفك أن تترك الطعام والشراب إلا لتستفيد من هذا الترك، فتترك الرفث، وتترك الفسوق، وتترك قول الزور، وتترك المعاصي المتعلقة بالنساء وبالجوارح، فإن لم تفعل ذلك ولم تستفد من صيامك فالله تعالى يرده عليك ولا يجزيك على عملك.
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر .
4- وعن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن امرأتين صامتا فكادتا أن تموتا من العطش، فذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم ، فأعرض عنهما، ثم ذُكرتا له، فأعرض عنهما، ثم دعاهما فأمرهما أن يتقيئا فتقيّئتا ملء قدح من قيح ودم ولحم عبيط‍ !فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هاتين صامتا عما أحل الله ، وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما: جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس .
فانظر إلى قوله: صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله فجعل هذا فطرا ، كون الإنسان يأكل أعراض الناس، وكونه يتكلم في فلان وفلان بغير حق، فإن هذا لم يستفد من صومه، حيث صام عن الحلال، وأفطر على الحرام - والعياذ بالله - فلم ينتفع بصومه.
ولا شك أن الصوم الذي هذه آثاره لا ينتفع به صاحبه ولا يفيده ؛ فإن الصوم الصحيح يجادل عن صاحبه ويشهد له يوم القيامة ويشفع له عند الله . فإن لم يحفظه لم يستفد منه ولم يؤجر عليه.
يقول بعضهم:
إذا لم يكن في السمع مني تصــاون وفي بصري غضٌّ في منطقي صـمتُ
فحظي إذا مـن صومي الجوع والظمأ وإن قلت: إني صمتُ يومي فما صمتُ
فلا بد أن يكون على الصائم آثار الصيام، كما روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الغيبة والنميمة، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .
وبالجملة فالصوم الصحيح يدعو صاحبه إلى ترك المحرمات، فإن المعصية إذا سولت للإنسان نفسه أن يقترفها رجع إلى نفسه ، وفكّر وقدر ونظر واعتبر، وقال مخاطبا نفسه : كيف أقدم على معصية الله وأنا في قبضته وتحت سلطانه، وخيره عليَّ نازل، وأنا أتقرب إليه بهذه العبادة ؟! ‍
ومن الذين لم يستفيدوا من صيامهم: أولئك الذين يسهرون على تعاطي الدخان المحرم الذي هو ضار بكل حالاته ووجوهه، فلا شك أنهم لم يستفيدوا من صيامهم؛ ذلك أن الصوم تبقى آثاره، وهؤلاء لا أثر للصيام عليهم.
فالصائم الذي امتنع عن شرب الدخان طوال نهاره، وكذلك عن شرب الخمر المحرمة - والعياذ بالله - ولكنه تناول ذلك في ليله، فهذا الفعل دليل على أنه لم يستفد من صومه، وإنما صومه عليه وبال.