يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
خواطر رمضانية
16773 مشاهدة print word pdf
line-top
وختامًا

بهذا نعلم أن هذه العبادة ما شرعت إلا لهذه الحكم والمصالح، وهي كثيرة، وإنما أشرنا إلى بعض منها حسب ما يتسع له المقام.
وبكل حال فإن الله - سبحانه وتعالى - حكيم في شرعه، فما شرع العبادات إلا لتهذيب النفوس وتقويمها، لم يشرع شيئًا منها عبثًا ، بل لفوائد جمة ومصالح عظيمة، يعرفها المؤمن ويعتقد في كلّ ذلك أن ربه - سبحانه وتعالى - هو الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.
كما أن عليك أيها المسلم أن تتقبل كل ما جاءك من الشريعة ولو لم تصل إليك الحكمة التي شرعت من أجلها هذه العبادة، عليك أن تعرف أن الذي فرضها هو الحكيم العليم، هو الرب العليم بعباده، فتتقبلها سواء علمت الحكمة والمصلحة التي فيها أو قصرت معرفتك عن ذلك؛ لأن هذا واجب على المؤمن فيما يسمى بالعبادات التعبدية التي تفعل على وجه الطاعة، وإن لم نصل إلى الحكمة فيها، ولكن العبادات الظاهرة، كالصلاة والصيام والطهارة وما أشبهها نعرف لها حكمًا تفوق العد وإن أحصى شيئًا منها، والمؤمن يكتفي ببعض الإشارة، فإذا عرف المسلم هذه الحكم حرص على تحقيقها.
فإذا عرفت أن الصيام يأمر بجميع الطاعات، ويزجر عن جميع المحرمات، حرصت على تحقيقها ، وتمثلت كلها في نفسك حتى تكون ممن انتفع بصومه وبسائر عباداته.
أسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علما , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , والحمد لله رب العالمين.

line-bottom