إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
درس الآداب والأخلاق الشرعية
8202 مشاهدة print word pdf
line-top
الإنصاف

كذلك من آداب الإسلام: الإنصاف من النفس. الإنسان ينصف من نفسه، ويعترف بما عنده، أما الذي يشمئز ولا يقبل إلا ممن فوقه ويحتقر من دونه، يحتقر إذا جاءه من ينصحه ممن هو دونه أو أقل منه رتبة، ويقول: من أنت؟! وما أنت حتى تنصحني؟! أنا أعلم منك وأنا أرفع منك وأنا أجل منك وأنا أكبر منك سنا وأكبر منك قدرا، فكيف ترشدني؟! وكيف تنصحني؟! هل يقول هذا عاقل؟ لا شك أن الذي يرد النصيحة إذا كانت من كبير جاهل أو من صغير عالم أو نحو ذلك، ويقول: أنا أعلم أو أنا أسن منك. أن هذا خاطئ وضال؛ بل الحق مقبول مع من جاء به، يقول القائل: اقبل الحق ممن جاء به وإن كان عدوا، ورد الباطل على من جاء به وإن كان صديقا. انظر إلى القول لا إلى القائل؛ فإذا كان القول صوابا فتقبله وأنصف من نفسك واعترف بخطئك إذا بين لك خطؤك؛ وذلك لأنه ليس أنت معصوم لا بد أن يقع فيك خطأ كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون فالإنصاف: هو أن تنصف من نفسك، وأن تعترف بما أنت مخل به. ولا شك أن ذلك يرفع من قدرك، ولا ينقصك عند الله ولا عند عباد الله؛ بل يرفع من معنويتك، ويقال: هذا دليل على أنه يقصد الحق ويريده.
ولقد كان العلماء الأجلاء -رحمهم الله- إذا نصحوا وذكروا بالتذكير ووعظوا بالموعظة الصالحة الحسنة تقبلوها وأقبلوا عليها مهما كان قائلها، وردوا آراءهم وطمسوا ما كتبوه من الكتابات ورجعوا إلى الحق والصواب، وقالوا: الرجوع إلى الحق هو الصواب وهو واجب الجميع، الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. هذا هو الذي يلزمنا: أن نرجع إلى الحق وأن ننصف من أنفسنا وألا نتعنت في خطئنا وألا نصر على باطل ونحن قد عرفنا أنه باطل؛ ولو كان الذي جاءنا به صغير أو حقير أو نحو ذلك. هذا هو الإنصاف.
ولا شك أيضا أن الإنسان سيما طالب العلم وحامل العلم عليه من الآداب أن يكون قدوة للناس في علمه وفي عمله، فلا يحتقر من دونه ولا يتكبر على الصغير ولا على غيره، لا يتكبر على أحد ولا يحمل في نفسه اشمئزازا ولا عتوا ولا نفورا؛ بل يكون متواضعا لكل أحد. هذا هو الأدب الصحيح لطالب العلم.

line-bottom