إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
درس الآداب والأخلاق الشرعية
8775 مشاهدة print word pdf
line-top
الإنصاف

كذلك من آداب الإسلام: الإنصاف من النفس. الإنسان ينصف من نفسه، ويعترف بما عنده، أما الذي يشمئز ولا يقبل إلا ممن فوقه ويحتقر من دونه، يحتقر إذا جاءه من ينصحه ممن هو دونه أو أقل منه رتبة، ويقول: من أنت؟! وما أنت حتى تنصحني؟! أنا أعلم منك وأنا أرفع منك وأنا أجل منك وأنا أكبر منك سنا وأكبر منك قدرا، فكيف ترشدني؟! وكيف تنصحني؟! هل يقول هذا عاقل؟ لا شك أن الذي يرد النصيحة إذا كانت من كبير جاهل أو من صغير عالم أو نحو ذلك، ويقول: أنا أعلم أو أنا أسن منك. أن هذا خاطئ وضال؛ بل الحق مقبول مع من جاء به، يقول القائل: اقبل الحق ممن جاء به وإن كان عدوا، ورد الباطل على من جاء به وإن كان صديقا. انظر إلى القول لا إلى القائل؛ فإذا كان القول صوابا فتقبله وأنصف من نفسك واعترف بخطئك إذا بين لك خطؤك؛ وذلك لأنه ليس أنت معصوم لا بد أن يقع فيك خطأ كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون فالإنصاف: هو أن تنصف من نفسك، وأن تعترف بما أنت مخل به. ولا شك أن ذلك يرفع من قدرك، ولا ينقصك عند الله ولا عند عباد الله؛ بل يرفع من معنويتك، ويقال: هذا دليل على أنه يقصد الحق ويريده.
ولقد كان العلماء الأجلاء -رحمهم الله- إذا نصحوا وذكروا بالتذكير ووعظوا بالموعظة الصالحة الحسنة تقبلوها وأقبلوا عليها مهما كان قائلها، وردوا آراءهم وطمسوا ما كتبوه من الكتابات ورجعوا إلى الحق والصواب، وقالوا: الرجوع إلى الحق هو الصواب وهو واجب الجميع، الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. هذا هو الذي يلزمنا: أن نرجع إلى الحق وأن ننصف من أنفسنا وألا نتعنت في خطئنا وألا نصر على باطل ونحن قد عرفنا أنه باطل؛ ولو كان الذي جاءنا به صغير أو حقير أو نحو ذلك. هذا هو الإنصاف.
ولا شك أيضا أن الإنسان سيما طالب العلم وحامل العلم عليه من الآداب أن يكون قدوة للناس في علمه وفي عمله، فلا يحتقر من دونه ولا يتكبر على الصغير ولا على غيره، لا يتكبر على أحد ولا يحمل في نفسه اشمئزازا ولا عتوا ولا نفورا؛ بل يكون متواضعا لكل أحد. هذا هو الأدب الصحيح لطالب العلم.

line-bottom