درس الفجر - القواعد الأربعة
القاعدة الرابعة: مشركو زماننا أغلظ شركا من الأولين
القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة؛ والدليل قوله تعالى: رسم> فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ قرآن> رسم> والله أعلم، وصلى الله على محمد اسم> وعلى آله وصحبه وسلم.
هكذا هذه القاعدة: بيان أن المشركين الأولين ليسوا دائما يشركون، بل يخلصون في الشدة؛ إذا كانوا في الرخاء فإنهم يدعون الله ويدعون غيره، وأما إذا كانوا في شدة فإنهم يخلصون الدين لله ولا يعبدون إلا الله.
ذكروا لما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة اسم> هرب بعض المشركين من مكة اسم> وأرادوا أن يهربوا إلى الحبشة اسم> أو إلى إفريقية اسم> فلما ركبوا في الفلك -في سفينة- وأخذت تضطرب بالأمواج قال لهم الملاح: لا ينفعكم في هذا الوقت إلا الإخلاص، ادعوا الله وحده، أخلصوا له؛ ففكروا وقالوا: إذا كان هو الذي يعبد في الشدة فهو الذي يعبد في الرخاء، فلماذا نترك عبادته في الرخاء؟ فرجعوا وتابوا وأسلموا، وقالوا: الذي يعبد في الشدة هو الذي يعبد في الرخاء.
ذكر الله في آيات كثيرة أنهم يخلصون في الشدة، قال تعالى: رسم> وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ قرآن> رسم> ؛ إذا نجاكم إلى البر عدتم إلى شرككم، وكذلك في هذه الآية: رسم> فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ قرآن> رسم> إذا ركبوا في الفلك ومالت بهم السفينة وخشوا من الغرق؛ أخلصوا الدين لله: رسم> دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ قرآن> رسم> لما نجاهم وسلموا عادوا إلى شركهم، في آيات كثيرة.
أما مشركو زماننا فإن شركهم دائم في الشدة والرخاء، بل قد يشتد في الشدة؛ إذا نزلت بهم شدة فإنهم يرفعون أصواتهم يدعون آلهتهم، كما حصل ذلك كثيرا.
ذكر بعضهم -بعض العلماء- أن أحدهم كان يسوق له بقرا في عقبة من العقبات، فلما كان قريبا من أعلاها سقط ثور وتدهده من قمة الجبل؛ فأخذ ينادي: يا محمد اسم> أنقذه يا محمد اسم> أنقذه، ولكن الثور تكسر وتدهده؛ فأخذ يدعو الجن ويقول: يا جن أنقذوني، يا جن أنقذوني، محمد اسم> يشتهي المرقة؛ ظن أن محمدا اسم> ما نصره لأنه يريد أن يموت ذلك الثور حتى يشرب من مرقته -نعوذ بالله من الحرمان.
وذكروا أيضا: أن قوما قبل عشرات السنين ركبوا في سفينة ومعهم رافضية معها أكياس من القهوة، ولما توسطوا في البحر أخذت السفينة تموج وتضطرب، فأخذت تنادي: يا علي اسم> يا علي اسم> أنقذنا، عرفوا أنهم لا بد أن يلقوا في البحر شيئا من أمتعتهم حتى لا يغرقوا؛ فألقوا أكياسهم كلها، ومن جملتها أكياس الرافضية، ولما وصلوا إلى بلدهم في الأحساء اسم> قالت: أين أكياسي؟ قالوا: اطلبيها من علي اسم> أنت تدعين عليا اسم> أن ينقذك، أخذها علي اسم> .
والقصص كثيرة في أن هؤلاء إنما يشتد شركهم في الشدة، ويشركون في الشدة أشد من شركهم في الرخاء؛ فصاروا بذلك أشد من شرك الأولين والعياذ بالله.
أسئـلة
س: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل .. يطوف بقبر مثل الطواف بالكعبة اسم> فهل يمكن أن أوصفه بالشرك، كأن أقول: فلان مشرك، أو أنت رجل مشرك؟
سؤال> نعم. يجوز ذلك، إذا عرفت أنه يطوف بهذا القبر؛ فإن هذا الطواف يعتبر شركا، تقول: رأيت فلانا يطوف وطوافه شرك، وتقول: أشرك فلان.
س: فضيلة الشيخ. ما السر في ذكر شرطي الشفاعة مقترنين في آيات ومنفردين في آيات أخرى؟
سؤال> وذلك بناء على المناسبات؛ يعني كأن بعضهم يقول: إنما نعبدهم لفضلهم؛ فيقال: إنهم لا يشفعون إلا برضاه إلا عمن رضي الله. فاعملوا العمل الذي يرضي الله تعالى حتى يشفعوا لكم.
وأحيانا يقولون: نطلبهم ليشفعوا لنا؛ فيقال: إنهم لا يشفعون إلا إذا أمرهم الله أو أذن لهم.
س: السؤال الثاني: ذكر بعض العلماء أن الله سبحانه وتعالى يوصف بالسكوت مستدلين بالحديث: رسم> وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان رسم> فما قولكم حفظكم الله؟
سؤال> يوصف بما وصف به نفسه، فكونه سكت عن أشياء بمعنى أنه لم يبينها، وهذا لا يدل على أنه لا يتكلم في حين من الأحيان، بل من عقيدة أهل السنة أنه يتكلم إذا شاء بما يشاء.
س: فضيلة الشيخ إني أحبكم في الله، والسؤال هو: أننا نجد مشركي زماننا إذا ضاق بهم ذرعا أو تقطعت بهم الحبال التجئوا إلى الحبل الذي لا ينقطع وهو الله بخلاف قول المؤلف في القاعدة الرابعة؟
سؤال> لا شك أن هذا يقع من أناس من الذين يفزعون إلى الله تعالى، ولكن ليس هذا دائما، بل كثير من القبوريين يشركون، في الشدة ويشتد شركهم.
س: فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم. جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل خالدا اسم> أزال الشجرة، ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود فيقتل المرأة، فهل العزى الشجرة أم المرأة، وجزاكم الله خيرا؟
سؤال> يسمون الشجرة بالعزى، ولكن في الحقيقة أن العبادة إنما تعبد على تلك الجنية التي تكلمهم من الشجرة.
س: فضيلة الشيخ حفظكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في رسالة ثلاثة الأصول ورد: (اعلم رحمك الله أنه يجب علي كل مسلم تعلم أربع مسائل..) وذكرها.
ثم قال في موضع آخر: (اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم تعلم ثلاث مسائل..) وذكرها، فقال السائل: لماذا هذا التقسيم، فهل كل قسم له متعلق وله علة، أم أنه لا فرق، وبالتالي كان ينبغي أن يقال: اعلم -رحمك الله- أنه يجب تعلم سبع مسائل؟
سؤال> هذه رسائل كتبها الشيخ -رحمه الله- كفوائد.
فالرسالة الأولى ذكر فيها أربع مسائل: العلم ثم العمل ثم الدعوة ثم الصبر.
وفي الرسالة الثانية ذكر فيها ثلاث مسائل: المسألة الأولى: الحجة التي هي خلق الله تعالى، وأنه خالق الخلق، والثانية: وجوب الإخلاص والتوحيد، والثالثة: ترك الموالاة.
وهذه الثلاث داخلة في الأولى التي هي العلم يعني أن الإنسان إذا علم -إذا كان معه علم-؛ عرف أن ربنا سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا وأرسل إلينا الرسل، وعرف بأنه لا يرضى أن يشرك معه أحد، وعرف أنه لا يجوز لنا موالاة من حاد الله؛ فكل بعضها داخلة في بعض ولكن هذا من باب التفصيل.
س: في سؤاله الثاني: رجل ساهم في مشروع تجاري بمبلغ من المال السؤال: متى تجب عليه الزكاة؟ وكيف يزكيها من الربح أو من أصل المال؟
سؤال> الأصل أن المساهمات إذا كانت في شركات تجارية؛ فإن الزكاة تخرجها الشركة، وأما إذا كانت عادة رأس المال والأرباح، إذا كانت الشركة جعلت رأس مالها في معدات كالشركات الصناعية؛ فالشركة في الأرباح، فإذا دفعوا إليه أرباحه؛ زكى الأرباح؛ لأن رأس المال بعلب المصانع وبالمكائن وبالسيارات التي يشتغلون بها، وما أشبه ذلك.
س: سماحة الشيخ ذكر ابن كثير اسم> في كتابه البداية والنهاية في سيرة طاووس اسم> رحمة الله عليه.. قال لولده: إذا مت فانبش عن قبري فإن وجدتني فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإن لم تجدني فالحمد لله؛ فنبش القبر فلم يجده فقال: الحمد لله، فهل هذا ثابت عنه؟
سؤال> ليس بصحيح، ولا يمكن أن طاووس اسم> رحمه الله يقول مثل هذا القول، إنما هذا من توليد بعض المؤرخين الذين يولدون مثل هذه القصص يوهمون أن هذا ولي وأنه رفع، وليس كذلك.
س: فضيلة الشيخ: هل الدهر من أسماء الله تعالى؟
سؤال> لا يسمى الله تعالى بهذا الاسم، قوله في الحديث: رسم> يسب الدهر وأنا الدهر متن_ح> رسم> ؛ فسره بقوله: رسم> أقلب الليل والنهار متن_ح> رسم> لما كان الله هو المتصرف كان الذين يسبون الدهر كأنهم يسبون الله؛ فلذلك قال: رسم> وأنا الدهر متن_ح> رسم> يعني: وأنا خالقه وأنا مدبره.
س: سؤاله الثاني: إذا سافر جماعة وأمروا عليهم أميرا، فهل للأمير أن يعاقب أحد الجماعة بضرب، أو منعه من مصلحة، أو عقاب مالي بسبب أنه ارتكب خطأ، أفتونا مأجورين؟
سؤال> هذه الإمارة إنما هي بمعنى الاستشارة، ولا يجوز له والحال هذه، إنما عليه -عليهم جميعا- أن يكونوا قائمين على من خالف شيئا من التعليمات، أو ارتكب شيئا من المنهيات.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد اسم> .
مسألة>