الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
لقاء إدارة التعليم
7652 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل أهل العلم وشرفهم

لا شك أن الله تعالى شرف من حمَّلهم هذا العلم فأولا: استشهد بهم على وحدانيته في قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لم يذكر بعد ملائكته إلا: أولو العلم؛ لأن علمهم يحملهم على أن يشهدوا لله تعالى الشهادة الصحيحة، الشهادة الواجبة بأنه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وأنه القائم بالقسط؛ لأنهم عرفوا ربهم سبحانه وتعالى بآياته التي نصبها في مخلوقاته؛ دليلا على عظمته، ودليلا على قدرته، وعظيم سلطانه، فلما علموا هذا العلم صح أنهم الذين ينطقون بالشهادة، والذين يعملون بها، والذين يعلِّمونها، والذين يبذلون ما في وسعهم من العلم في تعليم الجهال، ونحوهم.
كذلك أيضا خصهم الله تعالى بأنهم أهل خشيته، قال الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إنما: للحصر، كأنه قال: لا يخشاه حق خشيته إلا العلماء - جعلنا الله وإياكم من الذين يخشون الله حق خشيته، ويخافونه حق خوفه، ويعبدونه حق عبادته - وهذه بلا شك ميزة كبيرة، وشرف عظيم لأهل الخشية أنهم أهل العلم، وأن غيرهم من أهل الجهل لا يعرفون ربهم، ولا يعرفون ما يستحقه، فلا يخافون من عذابه، ولا يخشون من سطوته؛ وذلك لنقصهم في العلم، ولنقصهم في التصور، فكانت الخشية إنما تكون من أهل العلم.
ثم إنها شرف، وميزة، وفضل عظيم لأهل العلم أنهم أهل الخشية؛ وذلك لأن أهل الخشية: هم أهل الجزاء، وهم أهل الأجر، وهم أهل الجنة، لا ينالها إلا هم، دليل ذلك قول الله تعالى: جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي: ذلك الجزاء كله لمن خشي ربه، الذين يخشون ربهم هم أهل العلم، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ هذا شرف لهم، وفضل، ولكن هذا إنما يكون لأهل العلم الصحيح، ليس كل علم يسمى علما فإنما العلم علم الديانة، وعلم الشريعة، والعلم الذي علمه ربنا سبحانه لأنبيائه، وبلَّغه أنبياء الله تعالى إلى أممهم، فهذا هو الذي يحصل به الشرف، ولأجل ذلك نفى الله تعالى العلم عن أهل الدنيا في قوله تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ فنفى أن يكون معهم علم، ونفى أن يسموا علماء، ولو كانوا مفكرين، ولو كانوا مخترعين، فإن ذلك لا يصلح أن يطلق عليه العلم.

line-bottom