محاضرات بعنوان: عناية السلف بالحديث الشريف
الزهري ورواية الحديث
وهكذا أيضا اشتهر من التابعيين الزهري محمد بن مسلم بن شهاب اسم> لكن كان يكتب، وذلك أنه أشار عليه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز اسم> رضي الله عنه، وقال: اكتب ما تيسر من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. فكتبها في صحائف، يمكن أنه كتب أكثر من ثلاثمائة حديث أو خمسمائة منها الأحاديث الطويلة كحديث كعب بن مالك اسم> الطويل في توبته، وحديث عائشة اسم> في قصة الإفك، وغيرهما، ولما كتبها حفظها بعدما ترددت قراءته لها.
فاشتهر الزهري اسم> برواية الحديث في المدينة اسم> مات سنة مائة وست وعشرين. أدرك من الصحابة أنس بن مالك اسم> من الذين رووا الأحاديث، وأما كبار الصحابة فما أدركهم؛ حتى ابن عمر اسم> أدركه، ولكن لم يتمكن من الرواية عنه. ابن عمر اسم> مات سنة أربع وسبعين، ولم يتمكن من الرواية عنه إلا القليل القليل، ولكن روى عن تلامذتهم. من جملة من روى عنه سعيد بن المسيب اسم> الذي كان تلميذا لأبي هريرة اسم> حيث إن سعيد بن المسيب اسم> تزوج بنت أبي هريرة اسم> فكان من أخص تلاميذه، وروى عنه أحاديث كثيرة.
فالزهري اسم> يقول: حدثني سعيد اسم> عن أبي هريرة اسم> وكذلك يروي عن سالم بن عبد الله بن عمر اسم> عن أبيه. سالم اسم> أيضا من جملة من حدث عن أبيه أحاديث كثيرة فهو يقول: عن سالم اسم> عن أبيه، وكذلك يروي عن عروة بن الزبير اسم> عن عائشة اسم> ؛ لأن عروة اسم> كثير الرواية عن عائشة اسم> لأنها خالته فالزهري اسم> يقول: عن عروة اسم> عن عائشة اسم> ويروي أيضا عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عمر اسم> وغيره، فاشتهر الزهري اسم> رحمه الله برواية الأحاديث.
وأقبل تلاميذه الكثيرون يروون عنه. كان من جملتهم سفيان بن عيينة اسم> الذي عُمِّرَ حتى أدركه الإمام أحمد اسم> فالإمام أحمد اسم> يروي يقول: حدثنا سفيان اسم> عن الزهري اسم> عن أنس اسم> لا يكون بينه وبين أنس إلا اثنان شيخه وشيخ شيخه. هذا دليل أيضا على أنه اهتم بالأحاديث يعني: سفيان بن عيينة اسم> تلاميذ الزهري اسم> كثير؛ الذين رووا عنه هذه الأحاديث، وكتبها كثير منهم وحفظ آخرون. ذكر في ترجمة هشيم بن بشير اسم> أنه جاء إلى الزهري اسم> أملى عليه أحاديث نحو مائة حديث أو مائتين، وكتبها هشيم اسم> في أوراق، ولكن في أثناء سيره جاءت ريح فطارت بتلك الأوراق، ولم يظفر بها. طارت بها ريح وضاعت عليه فكان يحدث منها بما علق في ذاكرته، ولذلك وقع في رواية هشيم اسم> عن الزهري اسم> شيء من الاختلاط؛ لأنه ما ضبطها كثيرا؛ بل طارت منه قبل أن يحفظها، فلذلك يقولون: رواية هشيم اسم> عن الزهري اسم> ليست متفقا عليها لما جاء فيها من المخالفة.
والحاصل أن الزهري اسم> هو أول من اشتهر بكتابة الأحاديث كتب أحاديث الصحابة أو أكثرهم، ودوَّنها وحفظها ونقلها عنه تلاميذه الكثير. يروي عنه معمر بن راشد اسم> أحد الحفاظ أيضا. معمر بن راشد اسم> له أيضا أحاديث جمعها وكتبها، طبعت في آخر كتاب عبد الرزاق اسم> مصنف عبد الرزاق اسم> المطبوع. يرويها معمر اسم> عن الزهري اسم> وعن غيره من مشائخه الذين تتلمذ عليهم؛ فهو ممن بقيت كتابته. كذلك أيضا الزهري اسم> تلاميذ كثير كانوا يكتبون الأحاديث، ثم يروونها ويرويها عنهم تلامذتهم؛ فهذا دليل على أن العلماء رحمهم الله اهتموا برواية الأحاديث، وبنقلها وبحفظها.
مسألة>