قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
18256 مشاهدة print word pdf
line-top
بيان أشرف العلوم وأولاها بالتعلم

ولكن المراد بالعلم النافع هنا هو العلم اللدني؛ الذي هو علم الشريعة، وعلم الديانة، الذي يتبصر به المسلم لكيفية ما يقوله وما يحتاج إليه، وسواء كان في أمور دنياه من كسبه ومعاملاته، ونحو ذلك، أو فيما يتعلق بأخلاقه وآدابه، ونحو ذلك، أو فيما يتعلق بقرباته وحسناته وتعبداته، أو فيما يتعلق بمعتقده الذي يكون عليه، كل ذلك من العلم الذي يجب عليك أن تتعلمه وتتبصر فيه.
فأما قسم العبادات فعليك أن تتعلم كيفية تعبد ربك، الكيفية التي إذا فعلتها خرجت من العهدة في العبادات والقربات، القربات بلا شك حسنات يتقرب بها العبد إلى ربه، فيتقرب مثلا بالطهارة الظاهرة والطهارة الباطنة، وذلك يحتاج إلى تعلم كيفية تلك القربة.
ويتقرب أيضا بالصلوات مثلا، والتقرب إليها أيضا يحتاج إلى علم، يحتاج إلى معرفة كيف تكون هذه الصلاة عبادة؟ وكيف تتم وينتفع بها؟ يحتاج إلى أن يتعلم ذلك على التفصيل، ونحو ذلك.
وكذلك بما يتعلق بالنفقات اللازمة للعبد، يتعلم ذلك بالتفصيل؛ حتى تكون نفقاته وصدقاته مقربة له إلى الله تعالى.
وكذا العبادات البدنية: كالصوم، والجهاد، والحج، والعمرة، وتعليم الخير، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك بحاجة إلى علم، إلى تفقه في ذلك.
وأما ما يتعلق بالعقيدة فإنه يجب على الإنسان أن يتعلم ما يقوله بلسانه، وما يعتقده بقلبه في ربه، الذي معرفته غاية المعارف، والذي هو خالقه ومالكه.
كذلك ما يقوله ويعتقده في أسماء الله تعالى وصفاته، وكذلك في ما هو مقبل عليه بعد موته، وما هو كيفية إيمانه بالحشر، والجزاء، وتفاصيل ذلك، كل ذلك يحتاج إلى تعلم وتفقه فيه.
كذلك أيضا يتعلم كيفية كسبه للمال الحلال، وشروط التكسب من صناعة وحرفة وتجارة، وما أشبه ذلك، كل ذلك داخل في العلم النافع -ولو كان من الأمور الدنيوية- إذا قصد بذلك أن يعف نفسه، وأن يستغني عن الخلق، وأن يكسب كسبا حلالا، ويقتات قوتا طيبا.
وإذا عرفنا أن هذه من العلوم النافعة، فإن هناك أيضا علوم الحرف الدنيوية قد يحتاج إليها وتكون في الفروع، يكون تعلمها من فروض الكفاية، ولكن هذه غالبا يتعلمها من ليس عالما بالله، ولا عالما بحقوقه وحدوده، بل يتعلمها الذين همهم كسب المادة وتحصيل المال أيًّا كان.
فتعلمها بلا شك فيه منفعة وفائدة، كتعلم علوم الهندسة والبناء والحفر والغرس والخياطة والبناء، وما أشبه ذلك، هذه من العلوم الدنيوية، وتعلمها فيه مصلحة للعباد.

line-bottom