إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
19872 مشاهدة print word pdf
line-top
أهمية استغلال الأوقات والوسائل المتاحة في طلب العلم

فإذا عرفنا أنا مطالبون بأن نتعلم ما ينفعنا، فإن علينا أن نغتنم الأوقات قبل أن تتغير الأوقات، فمثلا الشباب ما داموا في سن الشباب، وقد تفرغوا وقد كفوا المئونة؛ يسر الله لهم الوالدين اللذين يكفونهم المئونة، ويفرغونهم للتعلم، فعليهم أن ينتهزوا الفرصة وأن يتعلموا، ومجال العلم واسع؛ سواء ما تعلموه من أفواه المشايخ والعلماء، أو من الحلقات التي تقام في المساجد ونحوها، أو من الدروس التي تقام في المراكز كهذا المركز ونحوه، التي يمارس فيها أنواع كثيرة من العلم، أو من السؤالات بأن يسألوا ويستفسروا ويسألوا أهل العلم؛ عملا بقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
ينتهز الشاب هذه الفرصة قبل أن تتغير حاله، فإنه يمكن بعد سنوات أن يحتاج إلى نفسه، عندما ينفرد وعندما يكلف أن يكتسب رزقه ومعيشته بنفسه، يشق عليه بعد ذلك التفرغ والتعلم، فيكون في هذه في تلك الحال قد وقع في حرج ومشقة، فمتى يتعلم؟ يفوت الأوان، فما أحسنها من فرصة مهيأة للشاب الذي قد كفي المئونة، ويسرت له الأسباب.
في أزمنتنا هذه -والحمد لله - الأسباب موفرة؛ الأسباب العامة، والأسباب الخاصة، فمن الأسباب العامة: أن الله تعالى أعطى الإنسان العقل والفهم والذكاء والإدراك والسمع والبصر، وامتن عليه بذلك في قوله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فامتن عليه بأنه -وإن أخرجه جاهلا- فقد من عليه: بالسمع والبصر والفؤاد، فبالسمع: يستمع إلى النصائح التي والمسائل التي تنفعه، وبالبصر: يقرأ في الكتب، وينظر في آيات الله، وبالفؤاد: يتعقل ويتفقه ويتذكر ما حفظه، فيكتسب بذلك علما.
وكما أن سن الشباب هو وقت الذكاء، ووقت الحفظ، ووقت بقاء المعلومات، ولأجل ذلك يقول بعضهم: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر وهذا مثل مطابق؛ وذلك لأن الصغير متفرغ القلب، وعادة أنه يكون قلبه متفتحا، ومقبلا على ما يسمعه، فما قرع سمعه وقر في قلبه، وبقي في ذاكرته مدة وبرهة طويلة، فينتفع ببقاء هذه المعلومات، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية أن الله تعالى يسر لنا في هذه البلاد، هذه الدولة التي قد كفتنا المئونة، ويسرت لنا الأسباب التي نتحصل بها على طلب العلم.
فمن ذلك ما فتح من المدارس، ومن المعاهد، ومن الكليات، ومن الجامعات، التي تحتوي على العلوم النافعة، وفي كلها لا تخلو جامعة أو كلية أو معهد أو مدرسة، لا تخلو من علوم نافعة وعلوم مكملة، فإذن كل يلتحق بما يناسبه، وما يميل إليه؛ يقرأ ويتعلم مجانا، دون أن يؤخذ عليه أجرة؛ أجرة تعليم، ونحو ذلك، وتبذل له الوسائل كلها، فالمعلمون يبذلون له العلم بدون مقابل، والكتب والمقررات تعطى له، وتصرف له أيضا بدون قيمة، وما أشبه ذلك.
فهذه أيضا من النعم التي يجب أن تغتنم ولا تفوت، وهكذا أيضا إقامة هذه المراكز الصيفية، التي في وقت هذا الفراغ، لما شعر القائمون عليها بما يكون فيه الشباب بعد فراغهم من الدراسات النظامية من الفراغ، وأنهم إذا فرغوا لم يأمنوا أن يشغلوا وقتهم فيما يضرهم، ابتكروا وتفكروا في هذه الفكرة الطيبة، فأنشئوا هذه المراكز.
ولا شك أن فيها خيرا كثيرا؛ فمنه ما هو عام وخاص، فمن ذلك ما يلقى فيها من الدروس اليومية والأسبوعية، ونحو ذلك، وكذلك ما يقرأ فيها من كتاب الله بتدبر وتفهم، وتفيد المتعلم، وتنير بصيرته، وتكسبه علما قد لا يكتسبه في المدارس الابتدائية والثانوية ونحوها، قد لا يكتسب كثيرا من العلوم التي يتعلمها في هذه المراكز ونحوها.
ومن الأسباب والوسائل أيضا أن هناك علماء قد بذلوا أيضا أوقاتا من أوقاتهم في بذل العلم والتعليم، سواء في الليل أو في النهار، فأقاموا حلقات في بيوتهم، أو في المساجد القريبة من بيوتهم، أو نحو ذلك، وفتحوا المجال لمن يريد أن يتزود ويتنور، فما بقي على الإنسان إلا أن يهتم بهذا الأمر، وأن ينفذ همته ونيته، فإذا نفذها رجي بذلك أن يحصل - إن شاء الله - على علم.

line-bottom