لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
13578 مشاهدة
تعلم العلم الشرعي فريضة على كل مسلم

تعلم العلم الشرعي فريضة، منه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين، فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب العلم فريضة على كل مسلم المراد: تعلم الشيء الذي يلزم المسلم عمله، لا بد أن يتعلمه لأنه مأمور بأن يعمل، والعمل لا بد أن يسبقه علم حتى يعمل على بصيرة، لأنه إذا عمل على غير علم فيكون ضرره أكثر من نفعه لأنه قد يقع في مخالفة أو في بدعة أو ما أشبه ذلك.
فهكذا أيها الإخوة نهتم بهذا العلم ونقدمه قبل العمل حتى نعمل على بصيرة، قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أي على علم وعلى برهان وعلى نور ويقين، لا على جهل وضلال.
هناك من العلوم ما طلبه وتعلمه من فروض الكفايات، وهي التي لا يحتاج إليها إلا بعض الناس لا الكل، فإن من أراد الحج فرض عليه أن يتعلم مناسك الحج، أما من كان عاجزا فلا يلزمه، من كان عنده مال زكوي فرض عليه أن يتعلم كيف يزكي ماله وكيف تكون الزكاة فيه، ومن ليس عنده مال زكوي فليس عليه أن يتعلم ذلك، وهكذا تعلم ما يتعلق بالمعاملات؛ شروط المبايعة وشروط البيع والشراء والتجارات وما أشبهها لا تلزم إلا من هو مشتغل بالتجارات وما أشبهها.
وبعد أن عرفنا هذه الأدلة نقول: إن الذين يبذلون جهدا في هذا التعليم لهم خير وأجر كبير، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم على خير في قوله: من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ( من يرد الله به خيرا ) أي صلاحا واستقامة ونورا وبرهانا وعلما نافعا وعملا صالحا وسعادة عاجلة وآجلة ( يفقه في الدين ) والفقه هو الفهم في الشريعة والفهم عن الله تعالى وعن رسوله من أنزله ومن شرعه.
ولذلك دعا لابن عباس بقوله: اللهم فقه في الدين وفي رواية: وعلمه التأويل فيدعى لمن يراد صلاحه بهذا يقال: فقهك الله في دينه، علمك الله ما ينفعك.
يدعو المسلم أيضا بأن يزيده الله تعالى من العلم النافع؛ كما أمر الله نبيه بذلك، قال الله تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا هكذا أمر الله نبيه، والأمر عام لكل مسلم يدعو ربه بأن يزيده الله تعالى علما نافعا.
وإذا عرفنا أهمية طلب العلم، فنقول: إن وسائل العلم كثيرة؛ وسائل تعلمه، وقد كان طلب العلم قبل خمسين أو ستين سنة في غاية من الصعوبة، مثل هذه المناطق قبل خمسين أو ستين سنة لا يصلها العالم أو المعلم إلا بعد لَأْي وبعد شدة وبعد تكلف ومشقة.
فكانوا الذين يهتمون بطلب العلم من هذه المناطق وغيرها يسافرون لطلب العلم، يسلكون طرقا كثيرة صعبة ويقطعون مسافات طويلة إلى أن يحصلوا على ما يسر الله وفتح عليهم من العلوم النافعة المفيدة.
وكان كثير من أهل القرى النائية يغيبون عن أهليهم سنة أو سنوات يقرءون ويتعلمون، يتعلمون القرآن ويتعلمون السنة ويتعلمون الأحاديث النبوية والعمل بها وما أشبه ذلك؛ فكانوا ينقطعون في المدن كمكة والمدينة والرياض والطائف وغيرها من المدن التي يوجد فيها ويتواجد فيها أهل علم نافع، وكان كثير منهم يقعون في شباك بعض المبتدعة الذين يوقعونهم في بدع؛ في بدع القبوريين، وفي بدع المتصوفة، وفي بدع الأشعرية، والمعتقدات الفاسدة وما أشبه ذلك، ولكن الجاهل لا يعلم أن هذا بدعة ولا أن هذا منكر فيتعلم.
أما في هذه الأزمنة فقد يسر الله تعالى وسائل تعين طالب العلم، تعين قاصد الخير على تحصيل العلم بدون كلفة وبدون مشقة، فإن الوسائل قد تعددت.