لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
18213 مشاهدة print word pdf
line-top
توفر وسائل تحصيل العلم في المملكة

في زماننا هذا إذا قلت: كيف أتعلم؟ نقول: إنك -والحمد لله- قادر وليس هناك صعوبة؛ فالوسائل قد توفرت وتيسرت وزالت تلك الصعوبات التي كان يلاقيها مشائخنا ومشائخ مشائخنا، وأصبح الأمر في متناول طالب العلم، فهناك تعلم رسمي وهذا لا يحتاج إلى ذِكره ولا إلى كيفيته لأن الأبوين يحرصون على تعليم أولادهم التعليم الرسمي الذي هو مراحل؛ مرحلة الابتدائية ثم المتوسطة ثم ثانوية ثم جامعية ثم تخصص، هذا شيء معروف حتى للإناث في الأزمنة المتأخرة.
وإذا كان كذلك فإن هذا أيضا يعتبر من وسائل طلب العلم، إذا وفق الله طالب العلم في هذه المراحل وأخلص واجتهد في طلب العلم وفي مراحله كلها، وأكب على العلوم الدينية التي هي أهم من غيرها، فإذا جاءت تلك العلوم والفنون الدينية ألقاها قلبه وألقاها روعه، واجتهد في الإصغاء إليها والاستفادة فإنه في كل مرحلة ينتج عنه معرفة، معرفة باللغة العربية وبالنحو، ومعرفة أيضا بالأحكام بالحلال والحرام، ومعرفة بالأحاديث وطرقها، ومعرفة أيضا بالتفسير وما يدور فيه وما يحتاج إليه وأشباه ذلك.
ولهذا لا ينتهي من المرحلة الجامعية إلا وقد صار جامعا، جامعا لكثير أو لأهم العلوم النافعة، وأما إذا كان نيته شغل الفراغ، أو نيته الحصول على المؤهل، أو نيته الحصول على وظيفة أو ما أشبه ذلك فالغالب أنه لا يستفيد؛ وذلك لأن همه إنما هو تجاوز هذه المرحلة بأي وسيلة وبأي سبب؛ فلأجل ذلك تجده بعد المرحلة الأولى لا يتذكر شيئا مما مر به، لو سألته لم يحفظ لك آية ولا حديثا ولا بيان حكم من الأحكام إلا ما قل، ولا شك أن هذا عين الإهمال.
كذلك أيضا إذا عرفنا أن هذه وسيلة، يعني: الطلب الرسمي فنقول: إن هناك أيضا وسائل أخرى يستطيع المسلم أن يطلب فيها العلم ويحصل على الفوائد، وإن لم تكن مراحل أو مدارس رسمية وذلك لأن وسائل الطلب -والحمد لله- قد تيسرت وتوفرت بدل ما كان فيها صعوبة وشدة، فنذكر بعضها على وجه الإشارة فنقول:
أولا: الحلقات العلمية التي يقيمها المشائخ في المساجد ونحوها؛ لا شك أنها مفيدة لطالب العلم إذا تابعها، فإذا ابتدأ في الطلب في حضور هذه الحلقات سمع الكتب التي تشرح من أولها إلى آخرها فهو بهذا الشرح وبهذه الحالة يكون مصيغا لهذا المعلم؛ فيخرج كل يوم بفائدة وفوائد، فيستفيد في حياته، هذه وسيلة، وسيلة لها أهميتها.
ثانيا: عليه في هذه الحال أن يكتب ما يمر به من الفوائد؛ إما في دفاتر يخصصها لطلب هذه الفوائد، وإما على نُسخه التي يقابل بها فيعلق عليها ما يستفيده؛ وذلك لأن الكتابة تستقر ويجدها ولو بعد حين فإن في الحكمة يقال: ما حُفظ فر وما كتب قَر، أي: ثبت. فالكتابة سبب لبقاء المعلومات عند الاحتياج إليها، ويقول بعضهم:
العلـم صيـد والكتـابـة قيـده
قيـد صيـودك بالحبـال الواثقة
فمن الحمـاقة أن تصيد غـزالة
وتتركهـا بين الخـلائق طـالقة

فهكذا يحرصون على كتابة الفوائد، وإذا قُدر أن الإنسان من أهل الحفظ ومن أهل الذكاء فإنه يحفظ وإن لم يكتب، فهذه وسيلة.
هناك أيضا وسيلة ثانية وهي الاستفادة من المؤلفات التي يسرها الله، فقد توفرت الكتب - والحمد الله- وطبعت وحُققت وانتشرت، وأصبحت في متناول الأيدي؛ بحيث إنها توزع مجانا أو تُباع بأثمان رخيصة، وتوجد أيضا مُفهرسة ومُبوبة ومرتبة فليس في البحث فيها صعوبة؛ فعلى طالب العلم أن يعود نفسه البحث في هذه المؤلفات حتى يعرف المراجع، ويعرف مواضع المباحث، ويعرف مواضع المسائل؛ حتى إذا احتاج إلى مسألة تناول أي كتاب وعرف موضعها بسرعة، وعرف حكمها.
ولا شك أن هذه من نعم الله تعالى علينا توفُّرها، لقد كان أجدادنا يعز على أحدهم الحصول على كتب؛ وذلك لأنها لا توجد إلا خطية، فأحدهم يستعير الكتاب شهرا، ثم يكتبه بقلم، وليست الأقلام أيضا مثل أقلامنا إنما هي أقلام من الأعواد، يُصلح أحدهم قلما من قصب أو نحوه، وكذلك المداد يصلحونه أيضا، وكذلك الأوراق قد لا تكون أيضا متوفرة، فلا شك أن هذه منة، يعني: ما يسر الله تعالى من وجود هذه المؤلفات وسهولة الحصول عليها بأرخص الأثمان.
كذلك أيضا الوسائل الأخرى التعلم من الأشرطة التي يسرها الله تعالى، وما كان الأولون يفكرون فيها ولا يحلم أحدهم بوجودها، ولكن هذه من الوسائل التي يسرها الله تعالى، فطالب العلم يستطيع أن يستفيد بسماع الأشرطة وهو على فراشه، أو وهو في سيارته فيشتريها بثمن يسير أو توزع له مجانا ويستفيد منها ....

line-bottom