شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
13427 مشاهدة
أسباب ضعف الإيمان وقسوة القلب

من أسباب القسوة كثرة المعاصي فويل للقاسية قلوبهم كثرة المعاصي تقسي القلب.
من أسباب قسوة القلب الإعراض عن مجالس الذكر، إذا مروا بمجالس الذكر أعرضوا عنها، وإذا حصل ذكر أو تذكير، أو موعظة في مجلس قاموا، أو انشغلوا بغير ذلك، وأخذوا يتناجون في ما بينهم، هذا من أسباب قسوة القلب.
من أسباب قسوة القلب كثرة المخالفات الذنوب والمعاصي والمخالفات، لا شك-أيضا- أنها تقسي القلب.
ومن أسباب قسوة القلب عدم سماع ذكر الله، وعدم سماع الخير وعدم قراءة القرآن وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا الله –تعالى- ذكر أن هؤلاء إذا سمعوا ذكر الله هربوا، قال تعالى: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعني: لا يصدقون تصديقا جازما بالدار الآخرة وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ .
إذا ذكر من يتكلم في شهواتهم أو في لهوهم وسهوهم، إذا ذكرت الأغاني أو مجالس اللهو والباطل، وإذا هم يتوافدون إليها، يتوافدون إلى أماكن الغِناء، يتوافدون إلى أماكن اللهو والباطل، يتوافدون إلى أماكن اللهو واللعب، وأما مجالس الذكر، وحلقات العلم، وحلقات القرآن فإنهم يعرضون عنها، ويستثقلونها، وإذا قرئت عليهم آية أو سورة نفروا منها، يقول بعضهم:
وإذا تلا القارئ عليهم سـورة
فأطالها عدوه فـي الأثقال
كان الصحابة كذلك -أيضا- أهل دين وأهل صلاح، فالعادة أنهم إذا سمعوا القرآن تلذذوا بسماعه وخشعوا له وخضعوا له، واستكانوا، ودمعت عيونهم، واقشعرت قلوبهم كما في هذه الآية في قول الله تعالى: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وأما في زماننا فإن الكثير مثل ما ذُكر في هذا، إذا حضروا لصلاة الفجر مثلا وقرأ القارئ سورة من طوال المفصل فإنهم يستطيلون، لا يأتي أحدهم إلا في آخر الركعة، أو في آخر الصلاة لماذا؟
يقول: إنه يطول علينا، إنه يطول القراءة، ألا تلتذون لكلام الله، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بالسور الطويلة، حتى يقرأ مائة آية، أو ستين آية.
وكان أيضا كذلك الصحابة، يقرأ عمر -رضي الله عنه- في صلاة الفجر بسورة النحل، أو بسورة يوسف أو يونس أو هود وما أشبهها من السور، ومع ذلك فإن الصحابة يتلذذون بذلك، ولا يستثقلون هذه القراءة.
وكذلك -أيضا- كانوا إذا خطب بهم فقد يطيل الخطبة، فخطبته –أحيانا- قد تستغرق ساعتين، أو ساعة ونصفا، ومع ذلك فإنهم لا يملون من سماع الذكر، ولا من سماع القرآن، يتلذذون بذلك.
أما هؤلاء فإذا قرأ الإمام مثلا ورقة، أو ورقتين، أو ورقة ونصفا من المصحف يعد هذا منفر ومثقل، لماذا تنفرون من القرآن؟
أليس القرآن هو لذة المتهجدين، وهو نعيم أرواح المؤمنين، ولماذا تستثقلون الصلاة؟ أليس الصلاة قرة العين؟ أليست قرة عين المؤمنين؟
لا شك أن هذا دليل على أن إيمانه ضعيف؛ لأن الإيمان القوي يحمل إلى أصحابه على أن يلتذوا بسماع كلام الله، وعلى أن يتلذذوا بعبادة الله، فإذا كانوا في صلاة فإنهم يخشعون، وإذا كانوا أيضا في سماع قرآن فإنهم يلتذون، وإذا كانوا في مجالس علم، أو مجالس ذكر، أو نحوها فإنهم يخشعون.
هذه علامات أهل الخير، وأهل الإيمان، فهكذا يكون المؤمن. نتواصى أيها الإخوة بالحرص على الاستفادة والعلم من وسائله التي ذكرنا، ونتواصى-أيضا- بأن تظهر علينا آثار هذا العلم الذي تعلمناه، فإن من تعلم وأيقن بما تعلمه، ظهرت عليه آثاره، كالخشوع، والخشية، والإنابة، والتوبة، والتوكل على الله، والخوف من العذاب، والرجاء في الثواب، وكثرة الذكر، وكثرة الأعمال الصالحة، وترك الملاهي، وترك المحرمات، وترك الفواحش، والمنكرات، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين، وتقبل الخير، والبر بالوالدين، والصلة للأرحام، والإحسان إلى المسلمين الأقارب والأباعد، وما أشبه ذلك.
فكل هذا من الأعمال الصالحة التي تظهر على من عمل عملا صالحا يحبه الله –تعالى- والتي تظهر على من تعلم علما نافعا، يستفيد منه في دنياه، وفي أخراه.
نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا، وعملا صالحا، ونعوذ بالله من علم لا ينفع، ومن عمل لا يرفع، نسأله -سبحانه- أن يرزقنا جميعا التمسك بدينه، والثبات عليه، والوفاة عليه، ثم نسأله أن يقر أعيننا بنصر الإسلام، والمسلمين، وبإعزاز الدين، وإذلال الكفرة، والمشركين، كما نسأله -سبحانه- أن يمكننا من ديننا الذي ارتضاه لنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأن يهدي ضال المسلمين، ويقبل بقلوبهم على طاعته، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئـلة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، هنا كثير من الأسئلة ونستأذن فضيلة الشيخ في عرضها ولعلنا نبدأ بأسئلة العقيدة؛ لخطورة هذا الجانب.
س: فضيلة الشيخ! انتشر في هذه الأيام السحر والشعوذة وأصبح بعض من الناس يقصدون الكهنة والعرافين لطلب التداوي وغير ذلك فما حكم تعاطي السحر وطلب التداوي من الكهنة والعرافين ؟ وكيف نستطيع أن نميز بين من يعالج بالقرآن ومن يستخدم الكهانة والعرافة في ذلك؟
السحر كفر، والساحر كافر؛ وذلك لأنه يعبد الشياطين، ويعبد الجن، ويدعوهم، ويذبح لهم، ويتقرب إليهم، ويتعرف أسماءهم؛ حتى يخدموه، فإن هذه الأعمال الشيطانية، إنما هي بواسطة الشياطين، فالشيطان إذا سلطه هذا الساحر تلبس بإنسان، يعني سلط هذا الجان على الإنسان، تلبس به، فيغير وجهته، ويصرفه عن ما هو عليه، ويغير تصرفاته.
فإذا عرفنا ساحرا فعلينا أن نرفع بأمره إلى ولاة الأمور والقضاة؛ حتى يقتل فإن حده القتل؛ كما في الحديث: حد الساحر ضربة بالسيف .
فعلى هذا لا يجوز الذهاب إلى السحرة، بل يجب الرفع في أمرهم؛ حتى يستريح الناس من أمرهم، إذا قتل الساحر تاب الآخر، وتاب الثالث، والرابع، فاستراح الناس من هذه الأعمال الشيطانية، وإذا أتيناه، وقلنا: فك السحر، أو عالج هذا المصاب بالسحر، فمعنى ذلك أننا أقررناه على سحره، فيكون إقرارا بالكفر.
فالأعمال الشيطانية التي يعملها هؤلاء السحرة تبطل بذكر الله، وبقراءة كلامه، وبما أمر الله –تعالى- به، ففي الحديث عن سورة البقرة لا تستطيعها البطلة يعني السحرة.
والعادة أن الإنسان إذا تحفظ في صباحه، ومسائه بالقراءة، والأوراد، والأذكار، والأدعية، فإن الله يحفظه، ولا تتسلط إليه الأعمال الشيطانية، ولا يقدر السحرة على أن يصلوا إليه، ولا أن يضروه.
وأما إذا كان مهملا، أو كان مفرطا في العبادة، أو كان –مثلا- يترك الطاعات، أو يترك الصلوات، أو يهجر ذكر الله فإن الشياطين ومردة الجن يجدون سبيلا، يصلوا إليه.
ذكر ابن القيم في الوابل الصيب: أن رجلا سمع شيطانا ينادي شيطانا آخر، ويقول: اذهب إلى ذلك النائم فأفسد عليه قلبه، فلما قرب ذلك الشيطان من هذا النائم رجع، فقال: إنه قد قرأ آية لم أقدر على أن أقرب منه، وسأله بعد ذلك، فقال: قرأت قول الله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثلاثة آيات من سورة الأعراف، فكان هذا سببا لحمايته من شر الشياطين ونحوهم.
ذكر -أيضا- أن رجلا سمع الشياطين ومردة الجن يقول واحد منهم: من لي بعروة بن الزبير ؟ يعني حتى نفسد عليه عقيدته، فذهب أحدهم، ثم رجع، وقال: لا أقدر عليه؛ لأنه يأتي بأذكار لن نقدر معها على أن نصل إليه، إذا قربنا منه نكاد نحترق، فسألوه فذكر لهم أنه يأتي بأوراد في الصباح والمساء، يقول عند الصباح: آمنت بالله وحده، وكفرت بالجبت والطاغوت، واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم، يكرر ذلك في الصباح ثلاثا، وفي المساء ثلاثا، وغيرها من الأذكار. فهذه تدل على أن الإنسان إذا قالها وهو موقن حفظه الله من شر الشياطين، ومن شر السحرة ونحوهم.
وأما القراء فإذا كان القارئ من أهل الإيمان، ومن أهل الإخلاص ومن أهل القرآن، ولا يستعمل في قراءته إلا كلام الله أو كلام نبيه -صلى الله عليه وسلم- فإنه يعالج عندهم.
وهم -أيضا- علامتهم أنهم لا يعالجون إلا المستقيم، فلا يعالجون من يترك الصلاة، ولا يعالجون من في بيته أغاني، أو ملاهي، أو دشوش، أو أجهزة لهو، أو أفلام خليعة، يقولون: ما تنفع القراءة لمن هذا شأنهم؛ لأن هذه البيوت مأوى للشياطين، ولا تقربها الملائكة، يعالجون أهل الصلاح، وأهل التقى الذين قد يغفل أحدهم وإذا غفل عن شيء تسلط عليه أحد الشياطين، يجد في القراءة والذكر ما يخفف عنه.
س: أحسن الله إليكم سؤال آخر ولعله ليس ما سبق . نفسا موجودة باستدعاء بعض الناس فما حكم.
إذا كانوا يعرفوه بعلامات ظاهرة فلا بأس بذلك، وأما العلامات الخفية فإنها من الشيطان.
يعرفون الأرض التي فيها ماء إذا كانت قريبا من الأودية؛ لأنها تمتص الماء فيكون في جوفها فيعرفونها -أيضا- بوجود الشجر الأخضر الذي يبقى فيها مدة طويلة، وأن خضرته بواسطة بخار الماء الذي في جوف الأرض، يصل إلى هذا الشجر فيبقى.
يعرفون الأرض التي ليس فيها ماء بصلابتها، إذا كانت الأرض صلبة ما نزل عليها من الماء فإنه يزل ولا تقبله، ولا تمتصه في جوفها، فعرفوا أنها ليست محلا للماء، وأشباه ذلك من العلامات.
فأما الذين يدعون معرفة ما في داخل الأرض بغير علامات ظاهرة فإن هؤلاء ليسوا صادقين، ولا يمكن الوثوق بهم، أما إذا كان هناك علامات ظاهرة فلا بأس.
س: أحسن الله إليكم، ما رأي فضيلتكم فيمن هو موجود في بعض المجتمعات القبلية من . على حفظ الشرف مثل...؟
لا شك أن الشرف إنما هو بالتقوى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ هذا هو حقيقة الشرف والكرم ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل من أكرم الناس؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسأل، فقال: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام .
فالمدح إنما يكون بالتقوى، ويكون بالأخلاق الحسنة ويكون بالأفعال الحسنة، فيمدح الرجل إذا كان كريما، ويذم إذا كان شحيحا بخيلا، ويمدح الرجل إذا كان شجاعا، ويذم إذا كان جبانا، ويمدح العالم ويذم الجاهل، ويمدح المطيع ويذم العاصي وأشباه ذلك، هذا هو الأصل.
فكون الإنسان .. يعظمون إنسانا لكونه ابن فلان الذي كان، وكان، والذي له شهرة وشرف، والذي هو رئيس في قبيلته، فيصل الإكرام، والتعظيم، والاحترام لأولاده، وأولاد أولاده، ولو كانوا عصاة، ولو كانوا بخلاء، ولو كانوا ..
لا يجوز ذلك، بل إن الإكرام لأهل الخصال الحميدة، وكذلك الاعتراف بفضلهم.
وينبغي -أيضا- أن كل أحد يعتقد أنه ضعيف، ولو بلغ ما بلغ، وأنه مذنب ولو كثرت حسناته، وأنه لا ينفعه شرفه، ولا احترام الناس له، وإنما ينفعه عمله الصالح.
. وأما التحاكم إليهم لأجل أن هذا رئيس لقبيلة أو ما أشبه ذلك فينبغي أن لا يلتفت إلى ذلك، بل الحكومة -والحمد لله- جعلت محاكم شرعية يرجع إليها عند الاختلاف، فلا يرجع إلى العادات، ولا إلى الاتفاقيات التي بين القبائل ونحوها.
إنما إذا أرادوا إصلاحا بين متخاصمين فلا بأس أن يصلحوا بينهم؛ لكف شرهم حتى لا يقع هناك اعتداء وغير ذلك.
س: . فتسعى قبيلته إلى إذكاء ذلك الباطل... فما حكم هذا؟
الصلح جائز، إذا كان هذا الإصلاح فيه تسالم قبيلتين، وفيه فك الخصومات، والمنازعات، سواء كان لأجل قتل، أو ضرب، أو طعن أو نحو ذلك، ولكن إذا وصلت القضية إلى المحاكم، فيقتصر على حكم القاضي، ولا يعترض عليه، وأما إذا اصطلحوا فيما بينهم فلا مانع، لكن لا ينبغي أن يحملوا إخوانهم حملا يثقلهم، أو يعجزون عنه، كأن يحملوهم عشرات الألوف، أو مئات الألوف أو ألوف الألوف، فكل ذلك مما يسبب أنهم يتضررون من ذلك، والأصل -أيضا- أن هذا المعتدي إذا كان قد قتل، وكان هذا القاتل معتديا وظالما، فالأولى ألا يشفع أبدا، وأن يمكن من الشرع؛ حتى ينفذ فيه الحد الشرعي، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ .
وأما إذا كان المقتول معروفا بالاعتداء، ومعروفا بالظلم، وأنه اعتدى على نفس أو مال أو حرمة، أو ما أشبه ذلك، وأنه معروف بالفسوق، ففي قتله راحة للمسلمين، ففي هذه الحال يسعى في تخليص ذلك القاتل الذي قتله دفاعا، ولو بأموال كثيرة.
س: أحسن الله إليكم! صندوق القبيلة الذي يسير الدفع فيه كل سنة وهو مخصص للدم ودفع الديات التي على أفراد القبيلة هل تجوز المشاركة فيه؟ وإذا كان ذلك جائزا فما حكم من يتخلف عن الدفع؟
الديات إذا كانت دية خطأ تحملها القبيلة، وتقسم عليهم، فإذا قدر –مثلا- أن إنسانا حصل عليه دية وتحمل مائة ألف أو مائتين، أو نحوها فإن القبيلة يحملونها، وتؤجل عليهم ثلاث سنين، كل سنة يدفعون ثلثا، وتفرق على هذا، وهذا، وهذا، على قدر عسرهم ويسرهم، وكثرتهم وقلتهم.
فإذا قالوا: نريد أن نجمعها حتى إذا حصل شيء من هذه الحوادث دفعناها مرة واحدة، فلا بأس بذلك، وهو ما اصطلحوا على تسميته صندوقا، ففي هذه الحال إذا حصل أن حصل على أحدهم دية، ودفعوها من هذا الصندوق فلا بأس، من امتنع منهم فإن الشرع يلزمه عندما تحصل حادثة، إذا حصلت حادثة يلزمه الشرع أن يدفع من الدية قسطه؛ لأنه من أفراد القبيلة، إذا كان قادرا، فإن كان فقيرا عاجزا حملها غيره، ومن امتنع منهم من المساهمة في هذا، وقالوا: إن من لم يساهم معنا فإننا لا نحمل ما يلزمه من حادث أو نحوه فلهم ذلك؛ لأنهم اصطلحوا على أن هذا الصندوق للذين يساهمون فيه.
س: انتشر في الآونة الأخيرة شركات التأمين بأنواع متعددة ومختلفة، ومنه التأمين الصحي، والتأمين على النفس، والسيارة، والمنزل فما حكم ذلك؟
الصحيح أنه لا يجوز، صدرت فيه فتاوى كثير من العلماء، ومنهم هيئة كبار العلماء أنه لا يجوز، وأنه لا يجوز الاشتراك مع هذه الشركات، والفتاوى التي عندهم ويدعون أنها من هيئة كبار العلماء ليست لهذا التأمين، هم سموه التأمين التعاوني، وهو في الحقيقة تأمين تجاري قصدهم أخذ الأموال، ليس قصدهم نفع المشتركين.
في الدول الأخرى انتشر هذا؛ بحيث إنه يلزم كل فرد أن يؤمن على نفسه، ويؤمن على سيارته، ويؤمن على دكانه، ويؤمن على حرثه، ويؤمن على أولاده، يدفع كل شهر كذا وكذا لهذه الشركة، فإن حصل عليه شيء ولو حصل عليه مائة ألف، أو مليون تحمله الشركة، وإن لم يحصل عليه شيء فلا يردون عليه شيئا، فقد يمضي عليه عشرون سنة، أو خمسين سنة، وهو يدفع كل شهر لهم قسطا، فربما يذهب في هذه السنوات مائة ألف أو مائتين، أو أكثر ولا ينتفع منهم بشيء، وإنما يكون من باب الاحتياط.
وبكل حال فنقول: إن هذا على الصحيح لا يجوز، وأن الإنسان عليه أن يترفق، ويعتمد على الله –تعالى- ولا حاجة إلى هذا التأمين.
س: ما حكم شراء السيارة وذلك بنظام التأجير المنتهي بالتمليك ؟ وإذا كنت قد أخذت ذلك فما الحكم في ذلك؟
صدرت الفتوى بأنه لا يجوز، وإذا كنت قد أخذت ذلك فإنك تجعل السيارة رهنا لهم، وتحرص على أداء أقساطها حتى تتحرى؛ إذا دفعتها فاعمل أن العمل على أنها رهن لهم، كما لو اشتريت من إنسان بيتا، وجعلته رهنا في بقية الثمن، وأخذت تعطيه كل شهر خمسة آلاف إلى أن تنتهي الأقساط التي عليك، ويصبح البيت ملكا لك ويكتبه باسمك.
فهكذا تعطيهم على أن السيارة رهن لهم، فإذا أعطيتهم بقية الأقساط تحررت السيارة لك، وكتبوها باسمك، وأعطوك أرقامها.
ولا شك أنهم قد ينتزعونها من الإنسان، ويقولون: نبيعها، لكن لا يحل لهم شرعا أن يبيعوها إلا بعدما يحل جميع الدين، ولا يرفع أو يكون أكثره غير مسدد، فلهم في هذه الحال أن يبيعوها بعد حلوله، ويأخذوا بقية أقساطهم، ويردوا على صاحب السيارة الزائد عن قيمة أقساطها.
س: حفلات الزواج يحدث فيها منكرات كثيرة نرجو بيان ما يحل وما يحرم في تلك الحفلات ؟
يكثر التشكي من كثير من الإخوان في هذا، في هذه الحفلات فالمنكر مثل الاجتماع العام ليلا طويل، أو نهارا طويلا، هذا من المنكر؛ لأنه يسبب فوات الصلوات العشاء، والفجر وما أشبه ذلك.
من المنكر -أيضا- رفع الأصوات بالغناء، الغناء بين الرجال والرد من هؤلاء على هؤلاء، قد يدخله -أيضا- شيء من المبالغة أو الكذب.
المنكر -أيضا- ما يحصل فيها من ضرب الطبول، وضرب ما يسمونه بالزير، أو الضرب بالكنكة، هذا -أيضا- من المنكر.
من المنكر -أيضا- الاختلاط، إذا كان هناك من يدخل على النساء، والنساء قد يكن متكشفات، فهذا -أيضا- من المنكر.
من المنكر -أيضا- التصوير أن بعضا من الشباب قد يصورون أولئك الرجال وهم يضربون بالدفوف أو النساء - مثلا- وهن متكشفات أو تصوير ذلك المجتمع ونشره لا شك -أيضا- أنه ممنوع.
من المنكر -أيضا- إذا كان هناك من يعلن شرب الدخان أمام الحاضرين لا شك أن هذا -أيضا- من المنكر.
وأما المباح فإذا إذا كان هناك بين النساء ضرب بالدف؛ لإعلان النكاح، أو صوت وغناء مباح تحية وترحيب، وما أشبه ذلك فلا مانع من ذلك.
س: ما حكم ما يأخذه كفلاء العمال ؛ إن ذلك في نهاية كل شهر أو سنة وهل ..؟
نرى أن هذا لا يجوز، هؤلاء العمال إذا استخدمتهم فإن عليك أن تشغلهم إما بالراتب، وتعطيهم رواتبهم شهريا، ولا تظلمهم بتأخيرها.
وأما بالنسبة بأن تجعلهم يعملون بالنسبة، يعني إذا عملوا لك عمارة، أو لغيرك بأجرة أي نصف الأجر، أو ثلثه، أو نحو ذلك، فلا بأس بذلك.
فأما أنك ترسلهم وتقول: اذهبوا تكسبوا، وأعطوني شهريا مائة، أو مائتين فإن في هذا شيء من الظلم لهم -والعياذ بالله-. نعم.
س: هذا يسأل يا فضيلة الشيخ عن رجل زوج ابنته وله إخوة وهم يريدون أن يأخذوا من مهر تلك الفتاة بحجة أنهم أعمام أو أخوال أو غير ذلك وإذا لم يأخذوا من مهرها حدثت مشكلة ..؟
لا يحل لهم؛ لأن الفتاة هي التي بذلت نفسها، والزوج ما بذل إلا لأجل هذه المرأة ما بذله لأجل عم، أو خال، أو ابن أخ، أو ابن عم أو نحو ذلك، هؤلاء ليسوا هم الذين اشتراهم، أو بذل المال من أجلهم، إنما بذله لأجل المرأة التي يستمتع بها، وتكون رفيقته، وتكون زوجته، وأم أولاده، وخادمة له، أو نافعة له في منزله، فلا شك أنه لا يحل له، لكن إذا أعطتهم من نفسها شيئا، يعني بسماح نفس فلهم ذلك، وأما إذا أكرهوا الزوج أن يدفع، أو أكرهوا المرأة أن تعطيهم، ولم يكن ذلك عن طيب نفس، فإن ذلك حرام، ورد في الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه فإذا دفع لها -مثلا- مائة ألف وقالوا: نريد أن نأخذ نصفها، نصف هذه المائة، لعمها فلان، ولعمها فلان، ولخالها فلان، ولأختها ولأخيها، ولابن أخيها، فإن هذا لا يحل لهم؛ لأنها لا تسمح بذلك.
فعليهم أن يتوقفوا عن ما لا يحل، وأن يقتصروا على ما هو حلال.
س: يقول: نرجو بيان خطر الدشوش على جانب العقيدة وما حكم تأجير منزل أو دكان يحتوي على هذا الجهاز؟
الدشوش هي هذه الأجهزة التي تستقبل القنوات الفضائية التي تأتي من الخارج، ولا شك أن الذين يرسلون تلك القنوات الفضائية ما قصدوا إصلاح المسلمين، وإنما قصدوا فتنتهم، وقصدوا ضررهم، وقصدوا تشكيكهم.
فننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبعد هذه الأجهزة عن منزله، وأن يحفظ نفسه، ويحفظ عقيدته، ويحفظ أهله، فكم حصل بها من مفاسد، فإن الشباب الذين يشاهدون هذه الصور التي تعرض في هذه الشاشات، يشاهدون الفواحش، يشاهدون الزنا، ويشاهدون التبرج، ويسمعون الغناء، ويشاهدون -أيضا- الحيل التي يعلمون بها من يحتال لقتل، أو لسفك دم، أو لسرقة، أو ما أشبه ذلك، فكل هذا مما تعلمه بهذه الواسطة.
فالدليل على أنهم ما نصحوا للمسلمين؛ أنهم لا يعلمونا صناعة الطائرات، ولا صناعة السيارات، ولا حتى صناعة الماكينات الصغيرة، ولا حتى صناعة أجهزة الهواتف، وما أشبهها، لا يعلمونا ذلك، ولا يشرحون تعليمه؛ وذلك لأنهم يخشون أننا ننافسهم في هذه الصناعات، وما أشبهها، وإنما يعلمونا ما يسبب التفكك، التفكك في العقيدة، والشك في الإسلام، والوقوع في المحرمات، وما أشبهها.
فالعاقل يصون نفسه، ويصون أهله، وذريته، ويصون نساءه ومحارمه عن أن يدخل عليهم ما يفسد عقيدتهم، أو يفسد أخلاقهم.
س: فضيلة الشيخ -حفظك الله- هل يجوز شراء عمارة بمبلغ معين ويتقبل المشتري ما تبقى من قروض البنك العقاري جائز أم لا؟ أيضا والأرض التي وزعها بنك التنمية العقاري وعليها قرض معين هل يجوز شراؤها بقرضها أم لا؟
شراء العمارة لا بأس به، ويستكمل المشتري بقية الأقساط، لأن البنك أجاز ذلك، وأما شراء الأرض بقرضها فيجوز شراء الأرض دون القرض، وإذا احتاج -مثلا- إلى القرض فإنه يوكله، ولا يبيعه إلا بعد العمارة، يكتب له وكالة: إني وكلت فلانا يستلم قرضي أقساطه، ويبني أرضي التي تحمل اسمي، فإذا استلم الوكيل الأقساط، وبنى الأرض وأصبحت عمارة، أو فيلّا، في هذه الحال إذا تم له سنتان يتنازل له؛ يبيعه، ويحيله على سداد بقية الأقساط، يأتي الأمور من وجوهها التي تباح بها ولا يكون فيها شبهة.
أما كونه يبيع القرض، فالقرض لا يملكه؛ لأن القرض ليس له، وإنما جاءت الحكومة لأجل تسهيل العمارات وتسهيل المباني.
س: فضيلة الشيخ! هناك امرأة لها مولود في خمسة أشهر أو جنين ابن خمسة أشهر وأسقطت ذلك الجنين في المستشفى فأخذه والده وألقاه مع النفايات هل يلحقها من إثم والده شيء ؟
نعم، لا يجوز، إذا ابتدأ بالشهر الخامس، يعني سقط وهو في الشهر الخامس، ولو بعد تمام الأربعة الأشهر، بيوم لزم أن يغسل، ويكفن ويصلى عليه، ويسمى، ويدفن، فلا يجوز إلقاؤه مع النفايات ولو كان ميتا؛ لأنه في هذه الحال قد نفخ فيه الروح.
وبكل حال إذا لم يكن هناك سبب في الإسقاط عمدا فلا كفارة عليه، إنما الكفارة على من تعمد الإسقاط، ولكن عليه التوبة والاستغفار.
س: يقول: فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا، ونفعنا بكم وبعلمكم وجمعنا بكم في دار كرامته، نريد منكم توضيح علاقة الذنوب بهذا الجفاف والقحط الذي نعيشه؟ ثم جزاكم الله خيرا نرغب منكم الدعاء والاستغاثة لعل الله أن يرحمنا.
قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وفي الحديث: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة فالذنوب كثيرة، والمعاصي متمكنة، تعرفون ونعرف كثيرا الذين تركوا الصلاة، بل وصاروا يسخرون من المصلين، هؤلاء مذنبون، وقد يكون ذنبهم كفرا، والذين يسمعون الغناء وينظرون إلى الصور الفاتنة، هؤلاء مذنبون، وكذلك الذين يفعلون الفواحش، فواحش الزنا، وما أشبهه، أو يبيحون التبرج وكشف النساء لزينتهن، هؤلاء مذنبون.
وكذلك الذين يمنعون حق الله –تعالى- في أموالهم، كما ورد في الحديث: ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا .
كذلك -أيضا- الذين يشربون المسكرات والمخدرات، يتعاطون المخدرات، ويشربون الدخان، يتلفون في ذلك أموالا طائلة، لا شك أن هؤلاء مذنبون.
وكذلك الذين يأخذون الأموال بغير حق من ربا أو رشوة أو سرقة أو خيانة، أو ما أشبه ذلك، وهكذا الذين يكذبون، ويروجون الكذب على الناس، هؤلاء -أيضا- مذنبون.
والفواحش: وفواحش اللسان، وفواحش العينين، وفواحش الأذنين، والمكاسب المالية المحرمة، هذه معاصي متمكنة في الأمة، فلا بد أنهم يتوبون إلى الله -تعالى- ويستغفرونه.
وكذلك -أيضا- لا بد أنهم يكثرون من التوبة إلى الله، ويكثرون من الدعاء بعد التوبة، ويتناصحون فيما بينهم لعل الله -تعالى- أن يزيل عنهم ما نزل بهم، إنه على كل شيء قدير.
وعلى خطباء الجُمع أن يستغيثوا بعد الخطبة، ويسألوا ربهم، وعلى كل فرد -أيضا- أن يكثر من سؤال الله -تعالى- الرحمة بعباده، فإن ربنا- سبحانه- قريب مجيب، وهو يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .
فنسأل ربنا -سبحانه- أن يغيث بلادنا، نسأله أن يغيث بلاد المسلمين بالغيث الحميء، وأن يزيل ما هم فيه من الشدة، والضيق والضنك، ونسأله -سبحانه- أن يفرج هم المهمومين، وأن ينفس كرب المكروبين، وأن يقضي الدين عن المدينين.
كما نسأله -سبحانه- أن ينزل على قلوبنا معرفته ومحبته، والإيمان به وطاعته، وأن يرزقنا التوبة النصوح الصادقة، وأن يمحو عنا ما وقعنا فيه من السيئات، والمخالفات التي تكون سببا للعقوبات، ونزول المثلات، ونعوذ بالله.
س: أحسن الله إليكم، رجل طلق امرأته ثلاثا وحدث ذلك في حال الغضب فماذا يترتب على ذلك؟
عليه أن يأتي إلى القاضي، ويطلب منه إثبات صفة الواقع، يذهب مع زوجته، وأحد محارمها ويقول: هذه امرأتي وهذا محرمها، حصل مني كذا وكذا، فالقاضي يذكر صفة الواقع ثم بعد ذلك يرسله إلى لجنة في إدارة البحوث العلمية.
اللجنة ينظرون في ذلك، فإذا رأوا أن هذا الطلاق لا يقع فإنهم يردون على القاضي، ويقولون: غير واقع، وإن رأوا أنه واقع فإنهم ينظرون فيقطعون.
س: أحسن الله إليكم، هل من كلمة حول المراكز الصيفية ودورها في حفظ أوقات الشباب وتربيتهم على تعاليم الإسلام ؟ وهل من توجيه منكم للقائمين على هذه المراكز؟
ننصح أولياء الأمور أن يشجعوا أولادهم على أن ينضموا إلى هذه المراكز الصيفية، وننصح القائمين عليها أن يخلصوا في عملهم، وأن يحرصوا على تعليم أولاد إخوانهم المسلمين، التعليم النافع الذي يكون له ثمرة مفيدة.
كما أننا نعرف أن الشباب عندهم فراغ، الذين في سن الثامنة إلى سن العشرين -غالبا- أن عندهم فراغ، وأن هذا الفراغ، إذا لم يستعمل في شيء ينفعهم، فإنهم يمضونه في شيء يضرهم، إما أن يقابلوا الشاشات، فيستمعوا إلى أغنية، وينظروا إلى صورة فاتنة، أو ما أشبه ذلك، وإما أن يتسكعوا في الأسواق، ويذهبون في الطرق ذهابا وإيابا، رجالا وركبانا بغير فائدة.
وإما أن يسهروا طوال ليلهم إلى الساعة الثانية ونحوها ليلا في غير فائدة، إما في لعب ولهو أو مشاهدة مباريات، أو ما أشبه ذلك، فيكون ذلك إضاعة لأوقاتهم.
أما إذا انضموا إلى هذه المراكز فإنهم إما أن يتعلموا القرآن، ويحفظون منه ما تيسر، أو يتعلموا المعاني؛ معاني القرآن، ودلالاته، أو يحفظوه، ويشجعوا على أن يحفظوا شيئا من السنة النبوية ولو حديثا أو أحاديث.
وكذلك يتعلموا أحكاما، ويتعلموا فوائد، ويتعلموا تواريخ، وتراجم لمن هم مشهورون ومن هم معروفون، مما يكون سببا في حفظهم لأوقاتهم، ومما يكون -أيضا- سببا لاستفادتهم.
كذلك -أيضا- القائمون عليها عادة أنهم يجذبون الشباب بشيء مما يكون فيه ترفيه عن النفس وتسلية؛ كلعب مباح أو تنشيط للأجساد، مثلا لعب بما فيه تربية أو تقوية، أو لياقة للبدن، أو سباق أو ما أشبه ذلك.
كذلك -أيضا- ترغيبهم بجعل جوائز تشجيعية لمن حل لغزا أو حفظ سورة، أو حفظ حديثا، أو أجاب على سؤال، أو ما أشبه ذلك، فيجمعون بين كونهم يحصلون على هذه الجوائز التشجيعية، وكونهم يحفظون هذه الفوائد العلمية.
س: هذه تقول: متى يمكن للمرأة أن تخرج من بيتها، وما الحكم إذا عصت المرأة زوجها وخرجت من بيته بدون إذنه لزيارة والدها أو أختها أو أهلها والزوج غير راض عن فعلها؟ وهل من كلمة للنساء؟
المرأة مأمورة بأن تقر في منزلها؛ لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ تثبت في منزلها، ولا تخرج إلا بإذن زوجها إلا إذا كان هناك ضرورة مع الأمن، فإذا كان هناك حاجة شديدة لشراء حاجة من أقرب مكان، ككسوة أو طعام، أو إناء أو نحو ذلك، وخرجت محتشمة؛ لأجل ألا تفتتن ولا يفتتن بها، وغضت بصرها، وسترت جسمها، ففي هذه الحال تخرج، وإذا قضت حاجتها تعود.
أو كان كذلك مرض أحد أقاربها، فلا شك أنها بحاجة إلى أن تعود ذلك الذي مرض، وأن تطمئن على صحة قريب لها؛ كأب، أو أخ، أو ما أشبه ذلك.
ثم على الأزواج ألا يمنعوا نساءهم عن زيارة أقاربهم، يعني صلة الرحم واجبة، فهي بحاجة إلى أن تجدد عهدها بآبائها، بأبويها، وبأخوتها، وبأقاربها، ومن عم، أو خال، أو ابن أخ، أو ابن أخت، أو أخت، أو ما أشبه ذلك، فلهم حق القرابة، ولهم حق الرحم، فلا يكون سببا في التقاطع، وفي قطيعة الرحم، كما أن على المرأة أن تكون مطيعة لزوجها، فإذا منعها من شيء امتثلت.
على النساء أن يكن مطيعات أو مؤديات لما أوجب الله عليهن من حقوق الأزواج، ومن تربية الأولاد، ومن حفظ المنازل ومن حفظ الأموال ونحو ذلك؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها .
وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أوصى بالنساء، وقال: استوصوا بالنساء خيرا فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ولكم عليهن ألا يأذن في بيوتكم لما لا تريدون، ولا يجلسن على فرشكم من لا ترضون .
أي: على المرأة أن تحفظ نفسها، وأن تحفظ زوجها، وأن تحفظ بيت زوجها، وأن تستقر في منزلها، فلا تخرج إلا بإذن زوجها، وكذلك -أيضا- لا تخرج إلا لحاجة ضرورية كما ذكرنا.
س: أحسن الله إليكم يسأل هذا عن كثرة التجمعات في العزاء وبناء الخيام وصنع الطعام وغير ذلك؟
السنة في التعزية أن المعزي يأتي إلى أهل الميت ويدعو لميتهم، ويحثهم على الصبر وعلى التسلي، فيقول: شكر الله مصابكم، وأحسن عزاءكم، وغفر لميتكم، اصبروا، وصابروا، واحتسبوا الأجر عند الله، فإنما الثواب في الصبر، وإن الصبر عند الصدمة الأولى، وإن المصاب من حرم ثواب، وما أشبه ذلك.
لا بأس أن أولاد الميت يجلسون في بيت أبيهم الذي هو المصاب، أو في بيت أحدهم يوما، أو يومين، أو ثلاثة أيام، يقصدهم إخوتهم وأقاربهم، وعشيرتهم، وأصدقاؤهم، ونحو ذلك.
وأما إطالة الجلوس أياما كثيرة، أو مثلا بناء الصوان الواسع، لأجل استقبال الناس إذا كان المكان واسعا، أو كذلك كثرة الإسراف في الأطعمة، أو ما أشبه ذلك أو الاجتماع الكثير للقبيلة، أو لأهل البلدة، فيخاف أن ذلك من النياحة المنهي عنها.
س: أحس أحسن الله إليكم! هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محصور على فئة من الناس، أم يجب على الجميع، ثم ما يقوم به أهل الحسبة من أمر الناس بالصلاة فقط هل عملهم هذا أم أنه أعم؟
قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يكفوا تعين على كل القادر.
فأهل الحسبة لا شك أنهم مكلفون، ولكن إذا كانوا لا يغطون، ولا يكفون وأن المنكرات كثيرة أنهم إذا غيروا شيئا بقيت أشياء، فإنه يتعين على الآخرين؛ فلذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
فبكل حال أهل الحسبة عليهم واجب، والبقية عليهم أن يقوموا بما يستطيعونه ولا يسكتون، فإن السكوت على ذلك إقرار له؛ سيما إذا علم، فإذا علمت أن فلانا لا يصلي، فعليك أن تنصحه ولو بطريق الهاتف، فإذا أصر فعليك أن تهدده، فإذا استمر فعليك أن ترفع بأمره إلى الهيئات، أو إلى المسؤولين.
وكذلك إذا علمت أن فلانا يشرب الخمر، أو يتعاطى المخدرات، وما أشبهها، أو علمت أنه يأذن في بيته لأهل الفواحش والمنكرات، أو علمت منزلا فيه دعارة وفيه فساد، أو علمت أن فلانة أو بنت آل فلان تقصد الشرور، وأنه يقصدها الفجار، ويفعلون الفواحش في كذا وكذا، فلا يسعك السكوت؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والسكوت قد يكون سببا في إقرار المعاصي، ثم في عموم العقوبة. والمعصية إذا ظهرت، ولم تغير ضرت العامة، وإن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب .
كثير من الناس يصافحون النساء الأجانب بيده وإذا نصح قال: إنها امرأة أخي وامرأة جاري فنرجو بيان الحق في هذه المسألة؛ بأن توضحوا لنا مَنْ مِن النساء اللاتي يجوز مصافحتهم باليد والجلوس معهم ومن منهم اللاتي لا يجوز مصافحتهم والجلوس معهم؟
لا يجوز مصافحة الأجنبية، الأجنبية هي التي تحل لك، يحل لك أن تتزوجها ولو كانت من الأقارب، أو يحل لك أن تتزوجها فيما بعد، فزوجة أخيك إذا طلقها حلت لك، وكذلك أخت زوجتك إذا طلقت امرأتك حلت لك، وكذلك بنت عمك، وبنت خالك يحل لك أن تتزوجها، فتعتبر أجنبية، وهكذا -أيضا- بقية الأقارب الذين ليسوا بمحارم.
المحارم هم الذين يحرم عليك نكاحهم، لا يجوز لك أن تتزوج أخت أبيك، ولا أخت جدك، ولا أخت أمك، ولا أخت جدتك لأنهن عمات أو خالات.
وكذلك -أيضا- بنت أخيك أو بنت أختك، أو بنت ابن أخيك، أو بنت بنت أختك، وإن نزلن، وكذلك بنتك، وبنت ابنك، وبنت بنتك، وما أشبههم من الأقارب من الأصول، أو من الفروع.
وهكذا -أيضا- القرابة من الرضاع، يعني المرضعة وبنتها وبنت ابنها، ونحوهم، هؤلاء بلا شك محارم.
الله -تعالى- بين المحارم بقوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أمك وبنتك، وأختك من أي جهة، وعمتك، وخالتك، وبنت أخيك، وبنت أختك، كذلك زوجة أبيك، وزوجة أبنك، هؤلاء محارم، غيرهم ليسوا بمحارم، ولا يجوز مصافحة غير المحارم.
يجوز السلام عليها وهي متحشمة، يعني متحجبة حجابا كاملا مغطية جسمها، ولا يجوز مصافحتها.
س: السؤال جاء من الأخوات، تقول: ما رأي الفقهاء وما رأي فضيلتكم في رجل يلعن في زوجته ووالديها وله معها ست سنوات وهي صابرة عليه وجزاكم الله خيرا؟
لعله لا يكون من الحاضرين إن شاء الله، الحاضرون -إن شاء الله- من أهل الخير، ولكن إذا عرفتم إنسانا يسب، أو يلعن، أو يشتم، أو يقذف، فخذوا عليه يده، وانصحوه، وبينوا له أن هذا حرام، اذكروا له قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء يعني: ما تكون هذه من صفات المؤمنين.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن اللاعنين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة وكذلك أخبر صلى الله عليه وسلم- بأن الإنسان إذا لعن، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق دونها أبواب السماء، وتغلق دونها أبواب الأرض، فتذهب إلى الملعون، فإن كان يستحقها وقعت عليه، وإن لم يكن يستحقها رجعت على اللاعن، فيكون لعنه يعود عليه والعياذ بالله.
فعلى الإنسان أن يصون نفسه، فلا يلعن زوجته، ولا يلعن مسلما من المسلمين، إنما يجوز ذلك للكفار، واللعن للشياطين الذين عليهم لعنة الله.
فأما لعن المسلمين، وبالأخص إذا كانوا أصهارا، وأقارب فإن ذلك من الكبائر.
يقول: فضيلة الشيخ ما الحكم فيمن يعيب على المرأة لمطالبتها بإرثها وما حكم عضل المرأة عن إرثها من أبيها أو أخيها أو غير ذلك؟
لها حق فكيف تعاب؟!!
الله –تعالى- أعطاها نصيبا لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ .
فالميت إذا مات وله أولاد ذكور وإناث، فواجب أن يعطى الإناث نصبيهم، ولا يجوز ظلمهم، ولا منعهم.
وإذا طالبت المرأة بإرثها من أبيها، أو إرثها من أخيها، أو من ولدها فلا يجوز أن تعاب على ذلك؛ لأنها ما طالبت إلا بحق، ولو قدر - مثلا- أنهم أكرهوها حتى تنازلت، ثم وجدت من ينصرها، فلها أن ترجع، وتقول: إنما تنازلت مكرهة، وملجأة، إذا كانوا لا يريدونها أن تشاركهم في العقار، ويقولون: إن أولادها أجانب فإنهم يعطونها قيمة ما تستحقه، يقدرون هذا العقار، هذه المزرعة، أو هذه العمارة، ويعرفون كم نصيبها، ويشترون منها نصبيها؛ حتى لا تكون مظلومة، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
س: يقول: ابتليت بوفاة شخص في حادث سيارة وأريد عتق رقبة وظروفي صعبة فهل تعرفون يا فضيلة الشيخ أحد من وجوه كسب التجارة. مما ابتليت في هذه.؟
إذا كانت ظروفك صعبة انتقل إلى الصيام، تصوم شهرين متتابعين؛ توبة من الله، ولا تكلف نفسك إذا كنت عاجزا عن العتق، والعتق لا يوجد في هذه الأزمنة إلا في دولة قد تكون غير ملتزمة بتحقيق الرق وبإعلانه.
فلذلك ننصحك أن تنتقل إلى الصيام، وليس فيه صعوبة، كما أنك تصوم رمضان؛ صم شهرين في أثناء الشتاء الذي لا يكون فيه شدة برد، ولا يكون النهار طويلا، ويعينك الله.
س: يقول: لي عمة -يقصد زوجة أبيه- كان يأمرها بالحجاب الشرعي علي أنا وإخوتي فتقول: أنا لسنا محارم لها أفتونا وجزاكم الله خيرا؟
ليس لك، لا يلزمها، زوجة أبيك محرم لك فليس لها، لا تلزمها بالتحجب إلا إذا كان أنها تكشف شيئا من داخل جسدها.
فلها أن تبدي وجهها، وشعرها، وذراعيها، وثدييها، وقدميها ونحو ذلك عند أولاد زوجها؛ لأنهم محرمون عليها لقوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ ولقوله تعالى: أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ .
س: يقول: هل للتوبة شروط، ومن أراد التوبة فماذا يفعل؟ ثم يقول: أشكو من كثرة الوساوس فما هو علاجها؟
للتوبة ثلاثة شروط ترك الذنوب، الذي يتوب يقول: أنا تائب ومستمر في الذنب لا تقبل توبته.
الثاني: الندم على الذنوب الماضية، فالذي يتمدح، ويتبجح بأنه زنا كم مرة، وبأنه قتل كم مرة، أو ما أشبه ذلك، ما تقبل توبته؛ لأنه يتمدح بذنوب.
كذلك الشرط الثالث التعهد أنه ما يعود، أما إذا كان يحدث نفسه فتوبته غير مقبولة؛ إذا كان يحدث نفسه أنه متى تمكن من سماع الغناء سمعه، ومتى تمكن من الزنا زنى، وما أشبه ذلك فلا تقبل توبته.
ننصحك أن لا تلتفت إلى هذه الوساوس، فإن الوساوس من الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس.
فالوساوس والتخيلات إن كانت في العقيدة، فاستعذ بالله واطرحها، وإن كانت وساوس في العبادات والطهارة والصلاة، فاطرحها -أيضا- حتى تريح نفسك.
س: هذا يقول: نرجو بيان حكم الحلف بالطلاق أو بالأمانة، أو بالحرام أو بشيء غير الله، أو بالنبي أو بالأمانة وغير ذلك؟
ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك فلا يجوز أن يحلف بأبيه، قال صلى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بآبائكم ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون فالذي يحلف بأبيه يقول: بأبي أو بشرفي..