إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
13679 مشاهدة print word pdf
line-top
الله تعالى بكل شيء عليم

وكذلك أيضا من الصفات صفة العلم، أن الله تعالى بكل شيء عليم. قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ هكذا أخبر بأنه بكل شيء عليم. يدخل في ذلك علمه بما يخفيه الإنسان كما في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى .
يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى يعلم ما يسره الإنسان في نفسه، وما يخفيه مما لم يكن قد تحدث به أو خطر بباله. كذلك أيضا يقول الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ويقول الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ؛ أي قد وكل بكم الملائكة الكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، وهو مع ذلك عالم بكل شيء.
هذا أيضا من الإيمان بالغيب، الإيمان بسعة علم الله تعالى وأنه بكل عليم، وأنه عليم بذات الصدور، وأنه يعلم ما توسوس به الأنفس، وما يخطر في القلوب وما يحصل من الأخبار، أو التحدثات أو الهواجس أو الوساوس أو ما أشبه ذلك. إذا آمن العبد بأن الله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وأنه يعلم خطرات قلبه؛ فأثر ذلك أن يحسن النية وأن يحسن ما في قلبه؛ فلا يحدث نفسه إلا بما هو خير وبما هو مصلحة. هذا هو النتيجة؛ ذلك لأنه يعلم أن ربه سوف يحاسبه وإن كان لا يعاقبه إلا على ما ظهر من آثار هذه الوساوس ونحوها؛ ولكن الله تعالى يقول: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ .
الله تعالى بكل شيء عليم ؛ فيدخل في علمه علمه بأحوال العبد، وعلمه بأقواله وعلمه بأعماله، وعلمه بخطرات قلبه وبفلتات لسانه، وبما يحدث به نفسه وبما توسوس به نفسه. وإذا علم ذلك منه فإنه سوف يحاسبه؛ فإذا أضمر بغضا للإسلام حاسبه الله على ذلك، وإذا أضمر كراهية للعبادة حاسبه الله على ذلك، وإذا أضمر مثلا تصنعا أو رياء أمام الناس، علم الله أنه يرائي بعمله حاسبه على ذلك.
فمن علم وأيقن بأن الله تعالى بكل شيء عليم صلحت نيته؛ فلا يرائي بعمله ولا يظهر للناس شيئا يضمر خلافه، ولا يصلي للناس ولا يتصدق لأجل الناس، ولا يقرأ لأجل الناس ولا غير ذلك؛ بل يكون عمله لوجه الله تعالى؛ لأنه آمن وأيقن بأن الله يطلع على نيته، ويحاسبه على ما في قلبه، أنه بكل شيء عليم. يعلم نيتك ويعلم ما في نفسك، ويعلم ما في قلبك ويعلم ما يصدر منك؛ فأخلص نيتك لربك وأصلحها، واقصد بأعمالك وجه الله، ولا يكون في عملك شيء لغير الله تعالى. هكذا تكون آثار هذا الإيمان بأن الله بكل شيء عليم.

line-bottom