جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
13631 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بالملائكة

الإيمان بالملائكة قد أخبر الله تعالى بأنهم كرام كاتبون وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ ويقول تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ من الإيمان بالملائكة الإيمان بالحفظة الذين يحفظون الإنسان؛ يحفظون عليه أعماله، ويكتبونها مع أن الله تعالى عالم بها؛ ولكن لتكون الحجة. تكتب هؤلاء الملائكة أعمالك خيرها وشرها، يحصونها ويسجلونها، وتكون في صحف تؤتى بها يوم القيامة.
ذكر الله تعالى أن كل إنسان تنشر له أعماله يوم القيامة، قال تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا كذلك يقول الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا يؤمن المسلم بأن أعماله محصاة عليه، وبأن الله تعالى وكل به هؤلاء الكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، يكتبون كلماته، ويكتبون حركاته ويكتبون نظراته ويكتبون حديث نفسه، ويكتبون حدث قلبه.
ثم إن الله سبحانه وتعالى يثبت أو يمحو، وهو معنى قوله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ؛ فمن آمن بأن الله وكل به من يحصي عليه أعماله ويكتبها؛ فلا شك أنه سوف يتحصن وسوف يتحذر، ولا يقدم على عمل إلا إذا علم بأنه عمل صالح، ولا يقدم على كلمة إلا إذا علم بأنها حسنة من الحسنات؛ ولأجل ذلك قال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ .
ورد في بعض الآثار من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. إذا علمت بأن كلامك مكتوب، وبأنه من الأعمال التي تحاسب عليها؛ فإنك لا بد أن تتوقف عن كثير من الكلام فلا تقدم إلا على كلمة تعرف بأنها من الحسنات، أنها لك ليست عليك.
هذا من الإيمان بالغيب، نحن ما نرى هؤلاء الملائكة ولا نحس بهم؛ ولكن نصدق بأن ربنا سبحانه وكل بنا هؤلاء الملائكة يكتبون الحسنات ويثبتونها، ويكتبون السيئات ويكتبون الغفلات والحركات؛ فمن صدق بذلك ارتدع عن كثير من المخالفات؛ هذا أثر من آثار الإيمان بالغيب.
وأما أحوال الملائكة فيؤمن الإنسان بما أخبر الله عنهم، وبما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم -أن الملائكة مثل ما وصفهم الله تعالى في قوله تعالى: لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ وإذا آمن بأنهم على هذه الصفة فإن عليه أن يفعل كفعلهم، وأن يعبد ربه الذي يعبده هؤلاء الملائكة، يقول: هؤلاء الملائكة المقربون؛ هذه حالتهم وصفهم الله بأنهم لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون.
وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن منهم سجود منذ خلقوا ومنهم ركوع، وأنهم يسبحون دائما، وأنهم يسبحون الليل والنهار؛ فيحمله ذلك على أن يستمر في هذه الأعمال الصالحة، ويقول: الملائكة معصومون ونحن غير معصومين؛ فلماذا لا نكثر من العبادة؟

line-bottom