شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
8942 مشاهدة
الإيمان بالملائكة

الإيمان بالملائكة قد أخبر الله تعالى بأنهم كرام كاتبون وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ ويقول تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ من الإيمان بالملائكة الإيمان بالحفظة الذين يحفظون الإنسان؛ يحفظون عليه أعماله، ويكتبونها مع أن الله تعالى عالم بها؛ ولكن لتكون الحجة. تكتب هؤلاء الملائكة أعمالك خيرها وشرها، يحصونها ويسجلونها، وتكون في صحف تؤتى بها يوم القيامة.
ذكر الله تعالى أن كل إنسان تنشر له أعماله يوم القيامة، قال تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا كذلك يقول الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا يؤمن المسلم بأن أعماله محصاة عليه، وبأن الله تعالى وكل به هؤلاء الكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، يكتبون كلماته، ويكتبون حركاته ويكتبون نظراته ويكتبون حديث نفسه، ويكتبون حدث قلبه.
ثم إن الله سبحانه وتعالى يثبت أو يمحو، وهو معنى قوله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ؛ فمن آمن بأن الله وكل به من يحصي عليه أعماله ويكتبها؛ فلا شك أنه سوف يتحصن وسوف يتحذر، ولا يقدم على عمل إلا إذا علم بأنه عمل صالح، ولا يقدم على كلمة إلا إذا علم بأنها حسنة من الحسنات؛ ولأجل ذلك قال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ .
ورد في بعض الآثار من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. إذا علمت بأن كلامك مكتوب، وبأنه من الأعمال التي تحاسب عليها؛ فإنك لا بد أن تتوقف عن كثير من الكلام فلا تقدم إلا على كلمة تعرف بأنها من الحسنات، أنها لك ليست عليك.
هذا من الإيمان بالغيب، نحن ما نرى هؤلاء الملائكة ولا نحس بهم؛ ولكن نصدق بأن ربنا سبحانه وكل بنا هؤلاء الملائكة يكتبون الحسنات ويثبتونها، ويكتبون السيئات ويكتبون الغفلات والحركات؛ فمن صدق بذلك ارتدع عن كثير من المخالفات؛ هذا أثر من آثار الإيمان بالغيب.
وأما أحوال الملائكة فيؤمن الإنسان بما أخبر الله عنهم، وبما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم -أن الملائكة مثل ما وصفهم الله تعالى في قوله تعالى: لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ وإذا آمن بأنهم على هذه الصفة فإن عليه أن يفعل كفعلهم، وأن يعبد ربه الذي يعبده هؤلاء الملائكة، يقول: هؤلاء الملائكة المقربون؛ هذه حالتهم وصفهم الله بأنهم لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون.
وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن منهم سجود منذ خلقوا ومنهم ركوع، وأنهم يسبحون دائما، وأنهم يسبحون الليل والنهار؛ فيحمله ذلك على أن يستمر في هذه الأعمال الصالحة، ويقول: الملائكة معصومون ونحن غير معصومين؛ فلماذا لا نكثر من العبادة؟