إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
محاضرة بعنوان شكر النعم (1)
8106 مشاهدة print word pdf
line-top
نعمة الأمن سببها وشكرها

نذكر بعد ذلك نعما عامة؛ ولكن تكون في بعض الناس دون بعض، وتتميز بلادنا -والحمد لله- بكثير منها.
فنقول: من النعم العامة: نعمة الأمن الذي يكون في بعض البلاد دون بعض، يكون في بلاد الكفر، ويكون في بلاد الإسلام، وهذه نعمة كبيرة، إذا أمن الإنسان على بدنه، وأمن على ماله، وأمن على أهله، وأمن على ولده، وأمن على دينه؛ فإنها نعمة كبيرة، يجب أن يعترف الإنسان بها، وأن يشكر الله عليها، وأن يعترف بفضل الله؛ حيث أمنه هذا الأمن؛ قال الله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا أي: أنهم قبل الإسلام كانوا في خوف؛ يسلب بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضا، وينهب بعضهم بعضا، وكذلك -أيضا- في كثير من الدول، وفي كثير من البلاد، يكون الخوف دائما معهم، لا يأمن الإنسان على النقود معه، ولا يأمن على نفسه، ولا يأمن على محارمه؛ يتخطفه الناس، يقتلونه كأهون شيء، ولا يبالون، يسلبونه ماله الذي معه، ولا يبالون؛ ولكن إذا كانت البلاد آمنة؛ فإن الإنسان يأمن أمنا تاما؛ وذلك ببركة الإسلام، ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: لا تقوم الساعة؛ حتى ترى الظعينة ترحل من عدن ؛ حتى تطوف بالبيت ، لا تخاف إلا الله وأن الرجل يسافر من أقصى البلاد إلى أدناها، لا يخاف إلا الله، أو يخاف السباع، والذئاب على غنمه، يعني: أن البلاد آمنة.
وسبب الأمن: هو الإيمان فإن الإيمان إذا وقر في القلب؛ فإن الإنسان يعرف أن ربنا -سبحانه وتعالى- حرم علينا دماء بعضنا على بعض، وأموال بعضنا على بعض؛ يتذكروا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -صلى الله عليه وسلم- كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه ويقول: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام .
فإذا تذكر ذلك.. عرف أنه واجب عليه أن يحترم إخوته المسلمين؛ بسبب إيمانهم وإسلامهم، ولا يتعرض لهم، ولا يأخذ شيئا من أموالهم، ولا يتعدى على دمائهم، ولا على محارمهم، فعند ذلك يأمن كل أحد؛ فيسافر وحده، ولا يخاف إلا الله، ويكون معه أمواله، ولا يخشى إلا الله، لا يخشى من لص، ولا يخشى من عدو، ولا غير ذلك؛ فهذا كله بسبب الإيمان الذي تمتلئ به القلوب، متى امتلأ القلب بالإيمان بالله -تعالى- فإن البلاد تكون آمنة، وقد عد الله -تعالى- الأمن في الدنيا والأمن في الآخرة، وذكر له أسبابا؛ مثل قول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ وامتن على قريش بقوله: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ لما أنهم كان الناس يتخطفون من حولهم، وهم آمنون: أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ؛ فكذلك ذكر البلد الذي هو مكة وسماه البلد الأمين؛ ذلك لأن أهله يحترمون العرب، يحترمون هذا البلد لقداسته.
فإذا كان الإنسان يعرف أن ربه -سبحانه- حرم عليه العدوان؛ فإنه يهزم أو يفطم نفسه عن التعدي، وعن الاعتداء، وعن أخذ شيء بغير حق، فهذا من نعم الله تعالى.

line-bottom