الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
7398 مشاهدة
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
في هذه الكلمة وصايا لإخواننا الحاضرين؛ رجاء أن ينتفعوا ويوصوا إخوانهم بما يتيسر مما يحفظونه.
نتواصى بالاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه قدوة الأمة وأسوتهم، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا .
ونتواصى بالتمسك بالسنة التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ونتواصى بتقوى الله تعالى التي أوصى بها ربنا -سبحانه وتعالى- وأوصى بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه الوصايا الثلاث أعلق عليها شيئا يسيرا ليُعرف بذلك كيف يعمل المسلم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف يسارع إلى الخيرات وكيف يلتزم بالطاعات.
فنقول في الوصية بتقوى الله: قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ هكذا جاء في هذه الآية الوصية بتقوى الله؛ ولا شك أن ذلك دليل على أهمية هذه الخصلة التي هي تقوى الله تعالى وطاعته.
وقد ورد عن بعض السلف كالشافعي وغيره قال: تقوى الله تعالى أن تعمل بطاعة الله؛ على نور من الله ترجوا ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
وهذا تفسير مجمل؛ وذلك لأن العمل بطاعة الله يدخل فيه جميع الطاعات التي وعد وأمر الله بها؛ فإذا أدى الطاعة على نور ودليل وبرهان كان أجره أكثر؛ وكذلك إذا كان يرجو الأجر الذي رتب على تلك الطاعات، وهكذا إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها؛ فإنه إذا تركها وكان على دليل وبرهان وكان يرجو ثواب الله في تركها أجره الله، فربنا -سبحانه وتعالى- يثيب على الطاعات، ويثيب على ترك المحرمات؛ فيكون المسلم له أجر إذا تقرب إلى الله تعالى بالعبادات التي يحبها الله تعالى والتي أمر بها، وله ثواب إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها.
فهذه وصية الله تعالى ووصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث العرباض بن سارية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وقال -صلى الله عليه وسلم- مودعا لبعض أصحابه: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن بدأ بتقوى الله اتق الله حيثما كنت .