محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
التكفين في ثوبين
باب الكفن في ثوبين. حدثنا أبو النعمان اسم> حدثنا حماد اسم> عن أيوب اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- قال: رسم> بينما رجل واقف بعرفة اسم> إذ وقع عن راحلته فوقصته -أو قال- فأوقصته، قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متن_ح> رسم> .
في هذه واقعة في عرفات اسم> لما وقفوا في عرفات اسم> وقفوا على رواحلهم وطال وقوفهم؛ سقط رجل وهو محرم من بعيره، ولما سقط سقط على رأسه فمات، ولما مات سألوا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرشدهم إلى كيفية تجهيزه.
كان محرما وعليه ثوبان؛ ثوب على ظهره وهو الرداء وثوب على عورته وهو الإزار، فقال صلى الله عليه وسلم: رسم> اغسلوه بماء وسدر متن_ح> رسم> يعني: فقط بماء وسدر لأن السدر ينظف ولو كان محرما؛ يغسل رأسه ويغسل جسده ويغسل وينظف بالماء والسدر. وكفنوه في ثوبيه أي في ثيابه التي أحرم بها.
ولا تخمروا رأسه أي: لا يغطى رأسه عند الكفن، بل يُدخل ويوضع في اللحد ورأسه مكشوف؛ وذلك لأنه محرم باق على إحرامه، فيوضع في قبره ورأسه مكشوف، والأكفان توضع على بدنه أي يستر عنقه ومنكباه وصدره وبطنه وظهره ورجلاه ويداه؛ يستر الجميع بهذين الكفنين -الإزار والرداء-.
ونهاهم عن التحنيط؛ أي الطيب الذي يحنط به الميت لا تحنطوه أي: لا تجعلوا فيه طيبا؛ وذلك لأنه باق على إحرامه، والمحرم منهي عن الطيب، وإنما الطيب الذي هو الحنوط يجعل لغير المحرم، إذا مات الميت فبعدما يغسل يجعل من ذلك الحنوط على جسده، فيجعل منه في أذنيه وفي عينيه وفي منخريه وفي...
كذلك في رقبته وفي إبطيه وفي منافذ جسده، وبين أليتيه وبطون ركبتيه، وإن طيب كله فحسن؛ ولعل السبب في ذلك أن لا يسرع إليه الفساد، وأن لا يخرج منه ريح -الريح الذي يخرج من الميت أو من كل ميت-.
ولعل ذلك أيضا إكرام للمسلم أن يزود بهذا الطيب الذي هو الحنوط.
يشرع أن يكون هذا الحنوط من الورس ومن الريحان ومن الأنواع من الطيب التي لها عطر وريح طيب، وبعد فضها تداس إلى أن تكون كالطحين، ثم تعبأ في زجاجة، ثم يؤخذ منها ويجعل على منافذه قبل أن يكفن. ثم بعد ذلك يتم تكفينه.
أما المحرم فإنه باق على إحرامه؛ يجعل له هذان الكفنان اللذان هما إزاره ورداؤه كلفافتين يبسطان ثم يوضع عليهم ثم ترد إحداهما على الأخرى، ثم تعقد بالعقد ورأسه يبقى مكشوفا ولا يجعل عليه شيء من الطيب؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبيا، يبعث محرما؛ يعني: أخبر بأنه إذا بعث يبعث وهو يقول: لبيك لبيك؛ أي باق على إحرامه؛ وذلك لأنها عبادة فاضلة فبقي أثرها عليه في حياته وعند موته وعند بعثه. نعم.
مسألة>